كل الطرق تؤدي إلى مشـروع شارون للحل الانتقالي

تم نشره الثلاثاء 04 آب / أغسطس 2015 12:28 صباحاً
كل الطرق تؤدي إلى مشـروع شارون للحل الانتقالي
ياسر الزعاترة

يوم الثلاثاء الماضي وقبل جريمة حرق الرضيع الفلسطيني، خبران في الصحافة الصهيونية يتعلقان بالتسوية: الأول أن نائبا من الليكود (أوري حزان) سيلتقي محمود عباس، وأعلن قبل اللقاء نواياه بالقول:”أريد أن اقترح على “أبو مازن” خطة بديلة، هي تثبيت حكم ذاتي فلسطيني في المناطق بسيطرة السلطة وتصعيد التعاون المدني والاقتصادي مع إسرائيل لبناء “سلام اقتصادي”، لأنه في الوضع الراهن في الشرق الأوسط لا توجد احتمالية لإقامة دولة فلسطينية مستقلة”. الخبر الثاني يقول إن السكرتير العام لحزب العمل، النائب حيليك بار “عرض في الكنيست صيغته لحل النزاع الإسرائيلي– الفلسطيني، والتي يأمل بجعلها البرنامج السياسي للمعسكر الصهيوني”. وحسب الخطة، “تقام دولة فلسطينية على أساس خطوط 67. الكتل الاستيطانية تبقى تحت سيادة إسرائيل من خلال تبادل للأراضي متفق عليه. الأحياء العربية المحيطة بشرقي القدس تشكل عاصمة الدولة الفلسطينية. وفي القدس يتحدد حوض مقدس تاريخي واسع يضم البلدة القديمة، (أحياؤها والأحياء المحاذية). والسيادة على هذا الحوض تكون بيد إسرائيل أو سيادة مشتركة في الأماكن التي توافق فيها إسرائيل على ذلك، مع حفظ للنظام ورقابة مشتركة” بالنسبة للاجئين يقول بار إنه “سيتم استيعابهم في الدولة الفلسطينية أو في دول أخرى، وإسرائيل تنظر في إمكانية عودة “لاجئين أصليين” معينين غادروا في 1948. الاتفاق الدائم يؤدي إلى انتهاء المطالب الفلسطينية”. لا قيمة للخبر الثاني، إلا من باب التأكيد على أن حلا لا يلوح في الأفق، فلا حزب العمل في السلطة كي يقدم هذا العرض الذي يعتبر هو نفسه عرض قمة كامب ديفيد عام 2000، والذي رفضه ياسر عرفات، ولا عباس سيجرؤ على قبوله لما ينطوي عليه من شياطين كثيرة في الجوهر وفي التفاصيل، ليس أهمها التنازل العملي عن القدس الشرقية، وعن السيادة العملية، فضلا عن قضية اللاجئين (هذه لا مشكلة فيها بالنسبة إليه).

بالنسية للطرح الأول يمكن القول إنه هو فعلا ما يجري على الأرض، ويقبل به عباس من دون الحاجة إلى إعلان ذلك، ويبدو أن نتنياهو لم يعد معنيا بإعلان كهذا، وربما يرى أن تطورات ما في الساحة الفلسطينية يمكن أن تؤدي إلى تكريسه، إن كان بإعلان أو من دون إعلان. واقع الحال أنه منذ 2004، لم يعد هناك من طرح في الساحة السياسية غير هذا الطرح الذي هو ذاته طرح شارون المسمى الحل الانتقالي بعيد المدى، أو “الدولة المؤقتة” بحسب شيمون بيريز، أو “السلام الاقتصادي”، بحسب نتنياهو، وهو حل ينسجم معه محمود عباس أيما انسجام. وقد صاغ الشق الأمني منه الجنرال دايتون، فيما صاغ الشق الاقتصادي منه توني بلير، وهو ذاته الذي يعمل على إكمال جزء منه في غزة عبر حوار مع حماس من أجل تهدئة قصيرة لن تلبث أن تغدو دائمة من الناحية العملية، أقله كما يفكر هو ومن يدعمون طرحه. الاحتلال أوصل المشهد الفلسطيني إلى هذا المنحنى، أولا من خلال عباس الذي يعرف تماما الطريق الذي يمضي فيه، ثم من خلال استدارج حماس لدخول الانتخابات، ومن ثم توريطها في السلطة، وصولا إلى مسؤوليتها عن الناس في القطاع وحاجتها إلى تهدئة من أجل التخفيف عنهم بعد حرب صعبة رغم ما حملته من بطولة وكرامة. يخرج بلير في ضوء ذلك ليقدم عرضه الذي يستكمل من خلاله طرح شارون، ومشروعه الذي بدأ في 2004، وحين تكون هناك تهدئة في قطاع غزة، سيرتاح عباس أكثر، وسيُسفر عن مشروعه دون وجل، هو الذي يكتفي منذ زمن بالحصول على بطاقة الفي آي بي، والمال والأعمال والاستثمار، مقابل التعاون الأمني المخلص.

التهدئة في غزة ستمنح شرعية لممارسة عباس في الضفة، سواءً وصلت الحال حد الانفصال بين الضفة والقطاع، أم جرى التفاهم على صيغة للجمع بينهما، وسيكون لسان حال عباس، كيف تطالبون بانتفاضة في الضفة، وانتم تقبلون تهدئة في غزة؟ مع أنه سؤال بائس، لأن القطاع لا يمكن أن يطلق حربا ضد الاحتلال بسبب الحصار، ولعد وجود جيش داخله، وكل ما يمكن أن يفعله هو رد العدوان، بينما يتواجد جيش الاحتلال ومستوطنوه في الضفة ويمكن الاشتباك معهم هناك. أيا يكن الأمر، فقد تمت جرجرة الساحة الفلسطينية إلى هذا المربع البائس، وجاءت الفوضى الإقليمية لتمنحه دفعة كبيرة، ولن يوقف هذه المهزلة سوى الشارع الفلسطيني الذي يمكن أن يفجّر انتفاضة كبرى تهيل التراب على هذا “السلام الاقتصادي” الذي يهدد القضية ومستقبلها بالعيش والرواتب في الضفة، وبالإعمار ورفع الحصار في قطاع غزة؛ أيا تكن النوايا في المعسكرين.

(الدستور 2015-08-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات