أرقام قياسية في الفساد!

تم نشره الثلاثاء 04 آب / أغسطس 2015 12:26 صباحاً
أرقام قياسية في الفساد!
حسن احمد الشوبكي

من المحزن أن تكون العتمة حالة قسرية يتعايش معها ورثة حضارة الرافدين، نتيجة لفساد معظم المسؤولين العراقيين في حقبة ما بعد احتلاله في العام 2003.

فالعراق اليوم هو البلد الأكثر تعثرا، والأكثر عرضة لخطر تغلغل الفساد إلى مستويات غير مسبوقة عالميا. ففيه تسجل شركات وهمية ومشاريع لا وجود لها إلا على الورق أو على شاشات "بوربوينت". وحجم الرشاوى لا يمكن تحديده. كما تتعاظم فيه قوائم الموظفين غير الموجودين، أو من يسميهم العراقيون "الفضائيون"؛ فلا مانع من تقديم رواتب لنحو خمسين ألف موظف مفترض في وزارة الداخلية وحدها، والأمر أكثر تعقيدا بالنسبة لوزارة الدفاع التي لم يصمد التابعون لها أمام تنظيمات مسلحة استباحت مناطق واسعة من شمال وغرب الدولة في غضون ساعات.

أهدر العراق إبان حكم نوري المالكي، عندما كان رئيسا للوزراء لثماني سنوات، نحو تريليون (ألف مليار) دولار. وهو رقم مذهل ومرعب، يستطيع أن يمهد استغلاله على نحو جيد لتأسيس خمس دول بخمسة جيوش. ويشكل التريليون المهدور حصيلة موازنات العراق النفطية منذ العام 2004 وحتى العام الماضي، إضافة إلى منح ومساعدات بحجم يفوق 200 مليار دولار طيلة الفترة ذاتها، كما كشف النقاب عن ذلك نائب رئيس الوزراء العراقي لشؤون الطاقة بهاء الأعرجي. وقد تم تهديد الرجل تبعا لذلك، في بلد أمسى الفساد فيه سيد الموقف في كل الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية.

لا منافسين حقيقيين للعراق الجديد على صعيد الفساد في تقارير منظمة الشفافية العالمية، إذ يحتل المرتبة الرابعة في الفساد بين 174 دولة. فقد ابتكر مسؤولون عملوا تحت إمرة المالكي ما يتم تداوله شعبيا باسم "حلب الوزارات". ويقرأ المرء في كتاب "قصة الفساد في العراق"، لمؤلفه القاضي موسى فرج، الأعاجيب. فموازنات العراق السنوية تفوق موازنات خمس دول مجاورة، هي سورية والأردن ولبنان ومصر وفلسطين، بينما لا يتجاوز سكان العراق ثلث سكان مصر، وثلث العراقيين ضمن شريحة الفقر، بما يقارب 10 ملايين نسمة. فيما أكثر التحديات التي تواجههم تكمن في غياب الخدمات الأساسية عن مدن وقرى الدولة بكل طوائفها وتلاوينها السياسية، فالكل في هذا الظلم سواء.

على صلة وثيقة بحديث الفساد الكبير، تغيب خدمة الكهرباء يوميا عن العراقيين خمس ساعات ثم تعود لساعة واحدة، وهكذا. وفي هذه الساعة، لا تقوى القدرة الكهربائية على تقديم الخدمة، ما دفع بالعراقيين جميعا إلى شراء "أمبير" الكهرباء بسعر يبلغ متوسطه 25 دولارا. ولنا تخيل حجم العبء المالي على الأسر العراقية، عندما نعلم أن "أمبير" الكهرباء بالكاد يستطيع تشغيل مروحة وتلفزيون وإنارة البيت، وأن كل بيت يحتاج إلى نحو 25 "أمبيرا" في الشهر، ولتكون كلفة توفير كهرباء رديئة في أي من مناطق العراق ما لا يقل عن 500 دولار تقريبا للأسرة، في بلد يعد -نظريا- الأكثر ثراء في موارده على صعيد الشرق الأوسط.

في موجة الحر الحالية، والتي اقتربت فيها درجة الحرارة من 53 مئوية في بغداد وباقي مدن العراق، تعطلت الحياة وشلت الحركة، إذ لزم الموظفون الحقيقيون والوهميون بيوتهم. والسبب أن قدرات الدولة وسط هذا الفساد الكبير لا تقوى على مواجهة هذا الحر الشديد من دون كهرباء.

(الغد 2015-08-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات