الخطة الاردنية لمواجهة الترانسفير الاسرائيلي
المدينة نيوز - كتب بسام البدارين - في عمق المطبخ الحكومي والسياسي ثمة تحديات من طراز خاص تفرضها على الايقاع الاردني برمته استفزازات حكومة اسرائيل الاخيرة التي كانت محورا اساسيا في لقاءات القمة الاردنية - الامريكية المشتركة حيث خرج الوفد المرافق للعاهل الاردني في زيارته الاخيرة لواشنطن بانطباع خاص وثلاثي عن الرئيس باراك اوباما، فهو حانق على الاسرائيليين ومستاء من تصرفاتهم ويشتكي منهم ويده مقيدة نسبيا بتعقيدات من طراز خاص في مواجهتهم لكنه ولو لفظيا على الاقل يثق بأن استفزازات نتنياهو ينبغي ان لا يكتب لها النجاح متمسكا بحقيقة انه لا يزال متورطا بتفاصيل عملية السلام.
وهذه الانطباعات التي التقطت مبكرا في عمان قد تكون مقلقة او غير منتجة في ظل الدراسة المتأنية التي جرت في اروقة القرار والمطبخ السياسي كمحاولة لفهم الاستفزاز الاسرائيلي الاخير المتمثل بقرارات الجيش الاسرائيلي الخاصة بترحيل جماعي للفلسطينيين بذرائع قانونية واهية.
حكومة نتنياهو بعدما استشعرت هجوما دبلوماسيا اردنيا معاكسا بدأ كخطوة اولى فقط با ستدعاء السفير الاسرائيلي وتسليمه مذكرة احتجاجية مع ابلاغه رسميا بان وزراء الخارجية ينبغي ان لا يكذبوا على السفارات حاولت ـ اي حكومة نتنياهو - تعديل المزاج الاردني الذي شعرت بحدته فارسلت توضيحات تشير الى ان تل ابيب ملتزمة تماما ببنود اتفاقية وادي عربة بخصوص الحدود مع الاردن، وأن الاوامر الصادرة عن وزارة الدفاع تتعلق بجوانب قانونية بحتة .
وفي السياق قدم الاسرائيليون مقترحات لاظهار حسن النية فقد تحدثوا رسميا مع الخارجية الاردنية عن خطوات قانونية يمكن ان يطعن فيها لدى القضاء الاسرائيلي قبل تنفيذها بخصوص تحريك وترحيل مخالفي متطلبات الاقامة في الضفة الغربية، كما رفضوا وصف الاعلام الاردني للمسألة بأنها 'ترانسفير '.
بسرعة قرر الفريق المتابع في وزارة الخارجية بأن هذه المقترحات عبارة عن 'مناورة دبلوماسية ' هدفها تخفيف حدة الهجمة التي يمكن ان تحدث ضد نتنياهو في واشنطن وبسرعة ايضا وصل التعليق الاردني على شكل التركيز على نقطتين وهما: اي نقل قسري لاي مجموعة من المواطنين الفلسطينيين في محيط اراضي عام 67 يخالف القوانين الدولية وليس في نطاق اي صلاحيات يضعها جيش الاحتلال الاسرائيلي لنفسه اولا. والنقطة الثانية بالنسبة للحكومة الاردنية اي حركة قسرية لاجبار الناس على التوجه للضفة الشرقية حتى على نطاق فردي ستعتبر بمثابة ترانسفير يضرب عرض الحائط باتفاقية وادي عربه ويخلق اشكالات على اسرائيل ان تكون مستعدة لها.
وعلى ضوء بروز هذا التقدير بدا وزير الخارجية ناصر جوده مكلفا بسلسلة من الاتصالات العربية والاقليمية والدولية وظهر ان اجواء الدبلوماسية الاردنية ذاهبة باتجاه معركة دبلوماسية ذات نطاق دولي مماثلة للمعركة التي شنتها الحكومة الاردنية ضد 'الجدار العازل '.
هذه الاتصالات انتهت بترتيب تصور اولي عن احتمالية الدعوة لعقد اجتماع طارىء لوزراء الخارجية العرب لو تطلب الامر وردة الفعل السريعة جاءت من وزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط الذي صرح بأن القاهرة ستضع ثقلها لإحباط تهويشات الترحيل الجماعي الاسرائيلية.
لكن في الجعبة الاردنية اوراق اخرى ايضا من باب الرد دون الاستجابة لضغط الشارع والصحافة والتورط بمواقف 'اعتباطية ' قد تخدم الجانب الاسرائيلي.. هذا ما نقله سياسيون عرب عن وزير الخارجية الاردني وهو يتحدث عن جاهزية متكاملة للتصدي لاستراتيجية الترحيل الجماعي التي تلوح بها اسرائيل.
لكن في الكواليس استمرت محاولات قراءة وتحليل مبررات وخلفيات ودواعي واهداف المغامرة الاسرائيلية الجديدة الخطرة هذه المرة على الامن الداخلي الاردني وعلى مستقبل عملية السلام والتي يمكن ان تنتهي بتفجيرات لا يمكن احتواؤها في المنطقة كما قيل اردنيا لوزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون.
وهذا التحليل تطلب التوصل لاجابات على اسئلة محددة طرحت باعتبارها في الواقع اسئلة اردنية قبل اي شيء آخر ... ما هو بصورة محددة تكتيك وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك بخصوص مسألة الترحيل اياها وما هو موقفه.. وهل المسالة لها علاقة بصراعات داخل مربع الائتلاف الاسرائيلي الحاكم؟.. وما الذي يدفع مراوغا متطرفا مثل ليبرمان لاصدار اوامر بالكذب على السفارة الاردنية؟
كما طرحت اسئلة اخرى مهمة: كيف تصور الاسرائيليون 'ردة الفعل الاردنية ' اذا ما حركوا بالقوة مجموعات من الفلسطينيين باتجاه الضفة الشرقية لنهر الاردن؟ وما هي حساباتهم في هذا السياق؟
الاجابة على كل هذه الاسئلة قيد الدرس ولا يمكن القول اردنيا على الاقل بالتوصل لاي استنتاجات نهائية حول اغراض ومرامي ونهايات المغامرة الاسرائيلية رغم ان بعض الآراء لا زالت تسمع في اوساط القرار الاردني حول اعلان 'تكتيكي ' فقط له غرض سياسي وراء قصة اوامر الترحيل الجماعي وحول خطط حكومة نتنياهو لاشغال العالم بقصة جديدة تماما حتى تسقط قصة المستوطنات من حسابات اللحظة الراهنة، وحول صعوبة تخيل ان تل ابيب قد تقدم فعلا على تنفيذ سيناريو الترحيل الجماعي.
بكل الاحوال ثمة تصور ينبغي ان يناقش كخطة للرد تتضمن اولا مراقبة كل تصرف اسرائيلي بالسياق، وثانيا الرد دبلوماسيا وسياسيا على كل خطوة جديدة تتخذها حكومة اسرائيل تحت عنوان الاستعداد للتنفيذ.
وتم الاتفاق على ان المطبخ السياسي والدبلوماسي سيتنحى عن المواجهة اذا ما تجرأ الاسرائيليون وبدأت اول خطوة ميدانية لتنفيذ اوامر الترحيل الجماعي.. عندها ستبدأ استراتيجية مختلفة وجديدة عابرة لوزارة الخارحية وحتى لحكومة سمير الرفاعي.( القدس العربي )