أبناء البطة السودة!

المحاصصة الطائفية في لبنان منظمة وقائمة على أسس توافقية، وتكاد تكون في منتهى العدالة لجهة التوزيعات في المستويات كافة، على قاعدة لكل ذي حق حقه في ما يمكن أن تنتجه الدولة من انتاجات وتقدم اقتصادي، غير انه يبقى دائما بلد على فوهة بركان بإمكان اي صاعق ان يفجره وقد حصل الامر مرارا. وفي المحاصصة اللبنانية استناد للمواقع السياسية وادارة الدولة والمناصب وتوزيعها بما يلبي حضور كل طرف في المعادلة السياسية العامة، ومن الصعب التغول والاستحواذ على هذه الصعد غير أنه متاح في الحالات الامنية كون كل الاطراف لها ميليشات مسلحة، وهذه يختلف قوامها بين فريق وآخر بما يتيح فرض توجهات على الدولة كما يحدث الان بسبب قوة حزب الله واستناد تسلحه للمقاومة وجديدا الاوضاع في سورية واعتبارها شأنا محليا بحكم التداخلات.
في سورية قبل أزمتها استحواذ واستقواء مثّله فئة الحكم بستار لم يستطع اخفاء الجانب الطائفي العلوي، وكان جليا فيها ان مراكز القوى والمناصب الاستراتيجية مجيرة للطائفة ولم تفلح محاولات التزويق في النهاية من اخفاء السيطرة في الجيش والحكومة والاجهزة الامنية، وقد انتهت رموز التزويق والديكور لأكثر من مصير وليس آخرها فاروق الشرع وقبله محمود الزعبي، والامر قاد دائما الى توزيعات منافعية ومكاسب للتوزيع وحصص حيث تلبي بقاء حساب على حساب الشعب العام.
في العراق قبل الغزو كان الاستحواذ والاستقواء وإلغاء الشعب حقا لحزب البعث وقيادته القطرية، وكان التوزيع فيه لكل الاشياء على هذا الاساس من التركيب للسلطة، وبعد الغزو انقلب الحال الى اسوأ، ومشاهد اليوم الاستحواذ للمقدرات على الاسس الطائفية، ولن تفلح محولات الاصلاح الاخيرة برأب الصدع ابدا طالما تقوم الدولة بعيدا عن الوحدة الوطنية.
وبالإمكان تناول عشرات الحالات العربية والعالمية التي نالت من الشعوب والمقدرات جراء سياسات التمييز والتفضيل للسلطات الحاكمة التي استهدفت خدمة وحماية نفسها دون حساب لأي مكون كبر ام صغر، والنتائج ماثلة بالبثور على من حكم ومن كان محكوما.
ولا يختلف الحال كثيرا ان جرى الحديث عن مقاعد العشائر ومكارم الجيش والمعلمين والمخيمات والاقل حظا والمسخمين والدراويش والذين يستحوذون مقاعد الطب والهندسة وينالون البعثات رغم هزالة التحصيل بالمقارنة مع من يحرمون، والامر فعلا سياسة دولة، غير انه يغيب عنها ان الفئات المستهدفة هم أردنيون كلهم.. تقريبا.
(السبيل 2015-08-13)