الحملة على روسيا أو.. التشكيك في مواقفها!

تم نشره الإثنين 17 آب / أغسطس 2015 12:59 صباحاً
الحملة على روسيا أو.. التشكيك في مواقفها!
محمد خروب

تتزامن الجهود المكثفة والدؤوبة التي تبذلها الدبلوماسية الروسية على اكثر من «ملف» وصعيد وبؤرة توتر وحريق يشتعل في المنطقة وعلى تخومها، مع حملة تشكيك غير مسبوقة تقودها عواصم ومنظمات وتنظيمات واذرع حزبية واخرى مُسلّحة وثالثة مُلتحية على رؤوسها عمامات مختلفة الاشكال والألوان..و»الطيّات».

تسعى كلها الى «زحزحة» سيد الكرملين فلاديمير بوتين ورئيس دبلوماسيته المخضرم والحازم سيرغي لافروف عن مواقفهما الداعمة لايجاد حل سياسي للأزمة السورية، بعد فشل كل الرهانات على إسقاط النظام السوري وخصوصاً بالوسائل العسكرية (إقرأ الارهابية) التي تقف من خلفها عواصم دولية وخصوصاً اقليمية وعربية، رأت انها قادرة على إعادة رسم خرائط جديدة للمنطقة وإعادة تقسيم كعكة النفوذ ولعبة الادوار، بما يتوافق مع مصالحها التي هي في الاساس ضيّقة ومحدودة، ان لم نقل ذات هدف وحيد، هو حماية تلك الانظمة من السقوط جراء غضبة شعبية داخلية تُطيح ما تبقى من هياكلها الصدِئة والمُتصدعة والآيلة للسقوط، فقامت بتصدير ازماتها الى الخارج (القريب) ظناً منها انها بذلك تؤخر «حتمية» سقوطها، هذا السقوط الذي لم يعد السؤال حولها هل سيحصل؟ بل متى سيحصل؟ لأن تلك الانظمة قد باتت من الماضي، حتى لو ظن المعجبون بها انها قادرة على الصمود في وجه رياح التغيير التي ستطيحها.. طال الزمن ام قصر.

ما علينا..

موسكو التي ادركت ومنذ وقت مُبكر من اندلاع موجات ما وُصف بالربيع العربي، ان الغرب الامبريالي قد حرّف تلك الثورات عن مساراتها وان الاتفاقات التي عُقدت بين وكالات الاستخبارات الغربية وعلى رأسها (سي آي إيه) وبين تيارات الاسلام السياسي وفي مقدمتها جماعة الاخوان المسلمين بوساطة (إقرأ بضمانة تركية) ستأخذ المنطقة دولها والشعوب، الى مربع الفوضى والعسكرة، ما يمنح ريح اسناد للتنظيمات الارهابية والحركات التكفيرية الجهادية، كي تُمسِك بزمام الامور وتكتب جدول اعمال «الثورة» على نحو تستفيد منه القوى الدولية والاقليمية صاحبة المصلحة الاولى في اسقاط الانظمة التي وقفت في وجه مخططات الهيمنة التي ارادت تطبيقها وخصوصاً في وضع «رؤى» المحافظين الجدد، موضع التنفيذ منذ شكّلت احداث 11 ايلول 2001 نقطة التحول او الفرصة التي اهتبلها انصار همروجة «القرن الاميركي» كي يعيدوا ترتيب المنطقة ويطمسوا على كل ما خلّفته قوى الاستعمار التقليدي في القرن العشرين وخصوصاً ما ترتب على الحرب العالمية الثانية من نتائج، لم يكن هؤلاء قادرين على تغييرها او العبث بها خلال «اندلاع» الحرب الباردة، وما ان انتهت هذه لصالح الرأسمالية (كما فاخر كثيرون) حتى بدأت الحرب الامبريالية الاقذر في شرق اوروبا ووسطها ودائما في المنطقة العربية التي فَرَضَتْ عليها تسمية «الشرق الاوسط وشمال افريقيا» كي تنزع عنها هويتها العربية القومية، وفي الاساس كي تبث روح الانعزالية والانغلاق في معظم الانظمة العربية التي تعب بعضها من عبء العروبة، فيما استقال آخرون من هذا الالتزام وفضّلوا التغريد خارج سرب الأمة، ظناً منهم انهم قادرون على حماية انظمتهم والفوز بالبقاء، ولم يدركوا-بعضهم حتى الان-أن الغرب الاستعماري لا يفرق بين ثور ابيض اللون وآخر اسود اللون متى تطلبت مصالحه ذلك.

الى أين من هنا؟

كل من يزور موسكو بدعوة منها أم على نفقته، كذلك تسريبات الصحف ووسائل العلام الغربية وخصوصاً العربية، لا يخرج من «هناك» إلاّ بأمنيّة او وهم يُلقي بظلاله على نفسه الكسيرة وهي انه «فَهِمَ» او «استنْتَجَ» او خرج بـِ»انطباع» بأن موسكو «غير» متمسكة بالرئيس السوري، وتقول: انها معنية بعدم سقوط النظام وخصوصاً عدم انفراط عقد الجيش السوري ومؤسسات الدولة حتى لا تعمّ الفوضى في البلاد، وتتحول الى عراق او صومال آخر.

خالد خوجة يقول ذلك ويزايد عليه هيثم مناع، يرطن بمثل تلك الاوهام وصحف تكتب بالعربية واخرى بالانجليزية وثالثة بالعبرية وغيرها بالفرنسية، لا تتورع عن طرح تحليلات ودراسات وقراءات تنطلق من تلك «الفرضية» التي تستبطن تشكيكاً وغمزاً من قناة الدبلوماسية الروسية بل «شماتة» وتحكم عليها بالفشل بعد اربع سنوات ونصف من «الصلابة» الروسية التي لم تغادر مربع دعم النظام ورئيسه، سواء بالكلام الصريح والمباشر على لسان فلاديمير بوتين وأمام وسائل الاعلام العالمية بالصورة والصوت، ام في احاديث وتصريحات سيرغي لافروف، ودائماً في ميدان المعارك والدعم اللوجستي والعسكري والذي تجلى يوم امس في تسليم الجيش العربي السوري اسلحة جديدة ونوعية، منها طائرات مقاتلة من طراز ميغ «31» وصواريخ كورنيت.

فمن إذاً الذي تخلى عن مواقفه؟ أهُم اولئك الذين فشلوا في اسقاط النظام بكل ما ملكت ايديهم وخزائنهم من اسلحة واموال؟ ام اولئك الذين دعوا الى تنكّب طريق الحوار السوري/السوري الشامل، وغير المحدد بسقف او شرط، سوى حفظ وحدة سوريا ارضا وشعبا واعتبارها وطنا لكل ابنائها ونبذ العنف وتكريس ثقافة الحوار وحق الاختلاف؟

(الرأي 2015-08-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات