رئيس الإقليم المُمَدِّد.. أو برزاني دائماً!

تم نشره الأربعاء 19 آب / أغسطس 2015 12:49 صباحاً
رئيس الإقليم المُمَدِّد.. أو برزاني دائماً!
محمد خروب

اليوم التاسع عشر من آب 2015، كان من المُقرّر «دستورياً» أن تنتهي ولاية رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني، بعد عشر سنوات في السلطة رئيساً كامل الصلاحيات على نحو بدا وكأن الإقليم محكوم بأن يبقى في قبضة آل برزاني الذين وُضِعوا على رأس كرد كردستان العراق بقرار من الملاّ مصطفى البرزاني، الذي استطاع ان يستثمر كل إرث ونفوذ «قبيلة» برزاني كي يكتب جدول اعمال الكرد الوطني وفق رؤيته وحرصاً على مصالحه وفي ضمن ذلك اقصاء كل من يجرؤ على مخالفته الرأي، حدود التصفية السياسية وصولاً إلى التصفية الجسدية ان كانت ضرورية في مرحلة ما..

قضى الملاّ مصطفى «مقهوراً» بعد أن خذله شاه إيران «وخانه» جسده وآل القرار إلى الابن الأصغر مسعود، بعد أن غيّب الموت اخوته الأكبر سناً، وكانت فرصته كي يُكرس زعامة آل برزاني بعد حرب عاصفة الصحراء 1991، الموسومة حرب تحرير الكويت وفرض منطقة الحظر الجوي التي منحت رياح اسناد قوية لمشروع الحكم الذاتي لإقليم كردستان، في الوقت ذاته الذي تم العمل فيه بدأب ومثابرة على تهميش بل والغاء دور الحزب المنافس (اقرأ المُتمرّد على الأب, الذي قاده جلال طالباني بتشكيله حزب الاتحاد الوطني الكردستاني خروجاً على عباءة الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي أراد أن يضم تحت «طيّات» هذه العباءة، كل القيادات والأطياف الأخرى ولكن بلا صلاحيات أو دور حقيقي ومجرد استرضاء وعرض اعطيات ومكارم برزانية لا تتجاوز في كل الظروف او تقترب من العمل السياسي).

لم تستقر الأمور بين برزاني الابن و»مام جلال» فقد بدت فرصة الحكم الذاتي كبيرة وغير قابلة التصديق، ما زاد من أطماع الرجلين وان كان سليل آل برزاني أكثر رغبة في الاستحواذ.

انطلاقة من قاعدة ان البرازنيين هم الذين قادوا التمرد في العراق (وقبلها في جمهورية مهاباد بإيران وان تقدمت وقتها للمواجهة شخصيات وقيادات غير برزانية) فوقع المحظور واندلعت الاشتباكات بين «جيشي» برزاني وطالباني حتى كادت تنزلق إلى حرب أهلية أفقية وعامودية، لكن الحكمة وضغوط الأصدقاء (...) اسهمت في إطفاء الحريق. واقتسم الطرفان كعكة السلطة وفق معادلة مُعقدة لم يكن الصراع حول عائدات المركز الحدودي مع تركيا المعروف باسم «ابراهيم الخليل» سوى جزءاً بسيطاً من الصراع وعاكساً حجم بل وتهافت اسباب الصراع الذي كان يستبطن رغبة في «اجتثاث الآخر» الوطني على نحو نهائي.

ما علينا..

بعد عقدين تقريباً من «المساكنة» المتوترة بين الحزبين الاكبرين( حزب برزاني الديمقراطي او البارتي كما يسمى في كردستان) وحزب طالباني (الاتحاد الوطني) وتمترس كل منهما في عاصمته (اربيل ودهوك لبرزاني والسليمانية لطالباني) يبدو أن الخلاف موشك على الانفجار, رغم كل محاولات تأجيله (وليس انهائه) بعد ان اتسعت الهوة بين المواقف وتضاربت المصالح, فبرزاني يريد تغيير النظام البرلماني الى رئاسي مطلق الصلاحيات تماما كما يسعى الى ذلك في تركيا...اردوغان, فيما طالباني وثلاثة احزاب اخرى رئيسية هي حركة التغيير (كوران) بزعامة نيشروان مصطفى وحزب الاتحاد الاسلامي الكردستاني والجماعة الاسلامية الكردستانية، يُعارضون ذلك ويُصرون على بقاء الامور على ما هي عليه حيث صلاحيات الرئاسة محدودة وانتخاب رئيس الاقليم لا يتم الا من خلال البرلمان المُنتخب.

حاول برزاني شراء الوقت، فاقترح تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد (ودائم) للاقليم كان مقرراً ان تنهي اعمالها نهاية الشهر الجاري, لكن المماطلة التي ابداها ممثلو برزاني في اللجنة حالت دون انجاز مشروع الدستور في الوقت المحدد, ما فرض امكانية حدوث شغور في منصب الرئاسة التي تنتهي مدتها (المُمدّة لسنتين) اليوم 19/8, الامر الذي استبقه برزاني بسؤال غير بريء, وجهه الى مجلس شورى كردستان الذي وإن كان قراره استشارياً الا انه «مُلزم» في الان ذاته, يستفسر فيه عن موقفه بعد العشرين من الشهر الجاري (أي بعد انتهاء ولايته رسمياً) فقام هذا المجلس الشُوري بـ(تمديد) ولاية برزاني لسنتين مقبلتين, اي لحين انتهاء الدورة البرلمانية الحالية في العام 2017 ويكون رئيساً للاقليم طوال هذه المدة بكامل صلاحياته.

الى ان تنتهي لجنة صياغة الدستور الدائم من اعمالها, بافتراض انها ستُنهيه وستتفق اطرافها على شكل النظام أهو برلماني أم رئاسي؟ والى ان تتضح ملامح السيناريوهات التي ستجد طريقها الى التنفيذ في المنطقة المشتعلة بين العراق وسوريا واليمن وليبيا وفلسطين ولبنان (لا تنسوا تركيا اردوغان) يمكن القول ان لدى برزاني المزيد من الوقت لترتيب اوراقه وفرض قواعد لعبة جديدة في الاقليم تطيل من عمره السياسي (وربما يُغيّب الموت الرئيس طالباني الطاعن في السن), عندها يمكن للكرد ان يهتفوا طويلاً وكثيراً بـ»ديمقراطية» الرئيس مسعود برزاني، الذي يُصرّ على ان لا «يبقى» في منصبه إلا بأصوات «الجماهير»وثقتها!!

(الرأي 2015-08-19)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات