"لا تقتلني بجهلك"!

تم نشره الإثنين 24 آب / أغسطس 2015 01:15 صباحاً
"لا تقتلني بجهلك"!
محمد أبو رمان

فيديو (المنتشر على المواقع الإلكترونية) إصابة الطفل الصغير هشام برصاصة قاتلة في حفل زفاف في مدينة إربد، وبما أدّى إلى وفاته بعد أيامٍ قليلة، خلع قلوب آلاف الأردنيين الذين شاهدوه!

كالعادة، حفلت مواقع التواصل الاجتماعي، غداة انتشار الفيديو المصوّر لهذه الجريمة البشعة، بتعليقات غاضبة، تطالب الحكومة ومؤسسات الدولة المختلفة بإيجاد حلّ لهذا المستوى المفضوح من الاستهتار بالقانون!

من التعليقات التي أعجبتني على موقع "فيسبوك"، شعار رفعه أحد المشاركين، وهو: "لا تقتلني بتياستك"؛ في محاولة لاجتراح حملة إلكترونية وشعبية كبيرة لتسخيف وتحقير هذه العادة البدائية المؤذية السيئة، وبناء موقف اجتماعي صلب ضد المستخفين بأرواح الناس والأطفال.

ومع الإقرار بأنّ جزءاً كبيراً من المسؤولية الأخلاقية يتحمّلها المجتمع، الذي من المفترض أن يبني ثقافة حاسمة ضد هذه الظاهرة؛ إلاّ أنّنا سبق وأشرنا (في مقال "أذن من طين وأخرى من عجين"، الأسبوع الماضي، عن الظاهرة نفسها) بأنّ الحكومة وأجهزتها الأمنية والمؤسسات القضائية تتحمّل القسط الأكبر من المسؤولية القانونية والتنفيذية في مواجهة هذه الظاهرة والحدّ منها.

وذكرنا في ذلك المقال أمثلة مروعة على نتائج هذا الاستخفاف الحكومي غير المبرر، والتراخي الأمني الملحوظ، في مواجهة ظاهرة الانفلات في إطلاق العيارات النارية، بما أصبح يهدد حياة المواطنين في كل مكان، حتى من يركب في سيارته في الشارع العام أو يجلس في حديقة منزله، طالما أنّ الرصاص الطائش يتطاير هنا وهناك!

دم الطفل هشام الذي قُتل أمام أعين أهله، وشاهدناه جميعاً في الفيديو، هو في رقبة الحكومة وأجهزتها المختلفة. وتهمة التقصير والتراخي في حماية أمن المواطنين وحياتهم توجّه إليهم، قبل أن يوجّه المدعي العام في محكمة الجنايات الكبرى للظنين الذي أطلق الرصاص تهمة القتل العمد، ربما!

لماذا لم نشاهد إلى الآن حملة إعلامية رسمية كبيرة في مواجهة هذه الظاهرة؟! لماذا قد تمرّ دوريات الشرطة من أمام مطلقي العيارات النارية من دون استدعاء الأمن وتحويل الفاعلين إلى القضاء وتجريمهم؟! لماذا يُسمح في شوارعنا لعشرات السيارات بتعطيل السير وإغلاق الشارع، وربما إطلاق النار من المركبات، بذريعة وجود موكب فرح لزواج أو نجاح لطالب في الثانوية العامة؟!

مرّة أخرى، المواطنون يلتقطون الرسائل غير المباشرة، وغير المكتوبة، بذكاء شديد، عبر سلوك الحكومة وتصرفاتها. فإذا غضت البصر عن فعل معين، يتحول إلى ظاهرة، ثم إلى وباء قاتل مثل الفيروسات. وإذا كانت الحكومة الحالية نجحت في إعادة تطبيق القانون في جوانب مهمة، إلاّ أنّها أغفلت جوانب أخرى عمداً وبقصد، ولم تبال بحالة التنمّر السافرة على الدولة من قبل مطلقي العيارات النارية، والأهم قبل ذلك انتشار السلاح غير الشرعي والاتجار به، واستسهال حمله واستخدامه من قبل كثيرين!

"الخروج على القانون" قيمة سلبية لا تتجزأ، ولا يجوز التعامل معها بازدواجية؛ شدّ في جانب واسترخاء في جوانب أخرى. وربما الصدمة الحقيقية أنّنا برغم الكوارث الإنسانية التي تسببت بها هذه الظاهرة خلال فصل الصيف، لم نجد أي موقف حكومة صارم، ولا حتى تصريحا لوزير أو مسؤول على مستوى عالٍ!

سيادة القانون وتطبيق النظام بصرامة وبمسطرة واحدة على المواطنين، هو العنوان الرئيس لهيبة الدولة والأمن والثقة المتبادلة بين المؤسسات الرسمية والمواطنين، والعكس صحيح.

(الغد 2015-08-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات