عندما يطيش العقل!

في العادة أحاول ممارسة الدبلوماسية عند مخاطبة الذوات السياسية وأجدها من باب التوجـــــــيه الرباني أن قولا له قولا لينا، غير أن بعض المـــــــلمات والخطوب يطيش معها العقل ويفقد المرء التوازن وتصبح الغلظــــــــة وقرع الأجراس وتنبيه الغافلين واستــــــثارة همم الراقدين واجبا، ففي الــوقت الذي تفاخر فيه حكومتنا، بل تتاجر وتستغل احيانا، وصايتها على الاوقاف المقدسية واهمها المسجد الاقصى ويصرح وزير اوقافها الدكتور هايل دواد «ان أي اعتداء اواقتحام للاقصى هو اجراء مرفوض من المملكة والمسجد الاقصى خط أحمر لا نقبل المساس به» نجد ان هذه التصريحات لا تجد لها مكانا ولا تطبيقا على الأرض بل نجد العكس من التقصير الواضح في حماية المسجـــــد يرافقه اجراءات غير مبررة وغير مقبولة في الاستغـــــــناء عن بعض حراس المسجد وعدم السماح للمرابطين المقدسيين بدخول الاراضي الاردنية للحديث وتوعية الشعـــــــب عن الخطورة المحدقــــــة بالمسجد الاقصى!
يطيش العقل عندما تصبح النساء حيطان الصد الوحيدة والحاميات العزل في وجه جيـــــــش مدجـــــــج لا يحترم الأنوثة أو الدين، ولا مفر من البقاء والصمــــــــود في ظـــــــل اعتـــقال ومنع الرجال وتزايد الضغط والاستهــــداف، الا ان المفاجـــــــأة كانت بصــــــــمود اسطـــــــوري للضعفاء في وجه العـــــــتاة والمدنيين في مقابل العسكر، فلم تنفع مع المرابـــــــطات كل اجراءات التضــــــييق والمنع والايذاء، فكان لا بد من اجراءات اشد صرامة طُبقــــــت لاول مرة الاسبوع الماضي، اذ أرسل قائد لواء القـــــــدس الصهيوني مذكرة لمديـــــــر اوقـــــــاف القدس، وهو ممثل الحكومــــــــة الاردنية بأن الشرطة الصهيونيــــــة ستمنع النــــــــساء تحديدا من دخول المسجـــــــد صباحا في الفـــــــترة الممــــــتدة ما بين٧.٣٠-١١، وأنه يمنع على حراس المسجد من الاوقاف التدخل فيما تــــــقوم به الشرطـــــــــة من حجز او مصادرة لهويــــــــات المقدسيين على الابواب، ويمـــــــنع كذلك استخدام ما يعيق ســـــــير «المصلين اليهود» نحو المسجد وفي ساحاته ويمنع الاقتراب منهم مسافــــــة ١٥ مترا، وكل من لا يلتزم بهذه التعلـــــــيمات سيكـــــــون عرضة للاعتقال من داخل المسجــــــد!
وبالمقابل فهذه الغطرسة الصهيـــــــونية والتحدي السافر والعلني لسلـــــــطة وهيبة الدولة الاردنية وقيامـــــها بالتطبيق الفعلي لما يعرف بالتقسيم الزماني في المسجد الاقصى لم تلق اي رد فعل يرقى لمستوى الحدث من الحكومة الاردنية! فمتى تغضب الحكومة الاردنيـــــة وتنتصر للمسجد الاقصى ولنــــــساء المسجد الاقصى؟! او لعلها تترك الوصاية اذن لدول اخرى قادرة على تحريك القضية بشيء غير دبلوماســــــية الشجب والاستنكار؟! ام انها بسكوتها جزء من خطة الصهاينة في التهويد والتقـــــــسيم؟! نريد ان نحسن الظن ونمد حبال الصبر ونتطلع بالأمل وننتظر الفرج غير ان هذه كلها تحـــــتاج الى اجراءات عملية في دعم الصــــــمود والرباط وتفعيل القضية دوليا وفي هـــــذه كلها الحكومة الاردنية حتى الآن مكانك سر!
لا ندري أمختــــــــوم على قلب حكومتــــنا الاردنية فـــــــلم تعد تتحــــــرك للــــــــقداسة ولا للنخــــــوة ولا للدين ولا للعروبـــــــــة؟! الا أمل فيهم؟! ام ان القعود على الكراسي يسبقه ضريبة التفريط بكل مقدس؟!
كانت نساء الايوبيات يقفن لصلاح الدين وجنده كل عام بجرار ماء الورد لغسل الصخرة من دنس الصليبيين، كل عام لا يخلفن الوعد في انتظار ان يحقق صلاح الدين وجنده وعدهم بالتحرير فلما جاء الفتح ناداهن في اول الوفود لتحقيق وعدهن فجرى ماء الورد في ساحات المسجد الاقصى انهار طهارة وبشارة.
النساء الآن موجودات بل بصمود وبسالة غير مسبوقة يعتصمن بكتاب الله وبالتكبير وبأجسادهن الغضة في مواجهة الالة العسكرية الصهيونية وينادين المعتصم وما من معتصم!
اذا لم يحركك انتهاك الدين والعرض في هذه البقعة الطاهـــــــرة فيجب عليك مراجعة ايمانك، فالاقصى من الكتاب ومن فرط بالاقصى فرط بالكتاب ومن فرط بالكتاب فقد فرط في الدين!
(السبيل 2015-08-31)