هل رفع اللبنانيون سقف.. شعاراتهم؟

تم نشره الإثنين 31st آب / أغسطس 2015 12:46 صباحاً
هل رفع اللبنانيون سقف.. شعاراتهم؟
محمد خروب

تُرفع القُبعات وتنحني الهامات احتراماً, وفخراً بما انجزته انتفاضة 22 آب وخصوصاً امتدادها, الذي تُرجم يوم اول من امس السبت (29/ 8) عندما تدفق اللبنانيون بمختلف شرائحهم وطوائفهم وأعمارهم, على ساحتي رياض الصلح والشهداء, استجابة لحركات وتجمعات شبابية ذات اسماء ومُسميات عديدة, ولكنها تلتقي عند مطالب موحدة تقول «قَرِفنا من هذه الرثاثة والاهتراء الكامل الذي وصله النظام الطوائفي القائم على المحاصصة واقتسام الثروة الوطنية وتهميش الشعب.. كل الشعب, وفي الاساس إنهاكه وإفقاره وإذلاله»..

أن تنجح ثُلّة من الشباب اللبناني في اثارة «واستثمار» كل هذا الغضب الذي راكمه اللبنانيون منذ عقود طويلة, وبخاصة بعد ان وضعت الحرب الاهلية اوزارها وتم التوصل (او فَرْض) صيغة الطائف (بما لها وما عليها), يعني ان مرحلة ما بعد «طِلعِت ريحتكن» ليست ما قبلها, وان الذين ظنوا ان اللبنانيين قد «يكتفون» بحل مشكلة النفايات التي هي في الجانب الرئيس منها, مجرد إثراء لزعماء الطوائف وكارتلات اصحاب رأس المال والمُتموِلين على حساب الشعب وصحة ابنائه, سوف يكتشفون (طبقة الحكام) انهم, مخطئون, وأن انتفاضة 22 آب وخصوصاً شعارات «الميادين» في 29 آب, قد اسقطت الكثير من المُسلّمات والبدهيات التي اعتقد مقتسمو الكعكة اللبنانية الطوائفية والمذهبية, أنها ثابتة ومُستقرة وجزء لا يتجزأ من لبنان ما بعد الطائف.

لكن ذلك.. (المشهد الجديد) ربما يكون, أقرب الى الحُلم منه الى التجسّد, حقيقة راسخة أو يمكن أن تترسخ في المديين القريب والمتوسط, لأن قوى الشد العكسي (وما اقواها.. خصوصاً ما تتوفر عليه من الاعيب وما تتقنه من اكاذيب وما تبرع فيه من شحن طائفي ومذهبي, بل وربما في التحريض على «هويّة» لبنان, التي يُتهم البعض بأنه يدير انقلاباً من أجل تغييرها, على ما صرح وزير كتائبي يوم امس) ربما تستطيع «استيعاب» موجة الاحتجاج العاتية الراهنة, حتى لا نقول الثورة, نظراً للفارق بين المُصطلحين, وما يجب أن يتوافر من شروط وأدوات وموارد وخصوصاً قيادة موحدة ذات أهداف واضحة لانجاز «ثورة» في مجتمع مُمزّق ومُرتهن ومقسوم كالمجتمع اللبناني, الذي لا يلبث «المُحترفون» من الاقطاعيين والرأسماليين وخصوصاً لوردات الميليشيات وزعماء الطوائف واولئك الذين ينتظرون «أمر العمليات» من خارج الحدود اللبنانية.

الخطر كل الخطر، يكمن في الامكانية الواردة، لقيام «المتحالفين» من الطبقة الحاكمة بإحباط اوشّل أو إفشال الانتفاضة العارمة التي اطلقها الشباب اللبناني الغاضب سواء من الفريقين الاساسيين 8و14 اذار، أم من اولئك المستفيدين من وجود هذين المعسكرين، كي يُواصلوا عملية نهب لبنان وزيادة ارصدتهم ونفوذهم ودائما في الاتكال على «الطائف» إن من جهة الذين استفادوا من اتفاق كهذا وفي مقدمتهم الطائفة السّنية (الرئاسة الثالثة على حساب الرئاسة الاولى) أم من المُتضررين وخصوصاً اولئك الذين كانوا يُصنّفون تحت راية المارونية السياسية وكيف أُلحِق الغبن بالرئاسة الاولى عندما تم سحب بعض صلاحياتها, لتُضاف الى سلطة الرئاسة الثالثة (الطائفة السنية).

هنا يتوجب التوقف عند مغزى الانذار الذي وجهه المحتجّون للسلطة الحاكمة (حكومة تمام سلاّم على وجه التحديد)، والذي مدته 72 ساعة تنتهي مساء يوم غد الثلاثاء، كي تستجيب لمطالبهم وإلاّ..، وإذ لا يعرف احد طبيعة وحجم الخطوات التي يمكن ان يُقْدِم عليها منظمو الاحتجاجات, اللهم إلاّ في بند إقالة وزير البيئة ومحاسبة وزير الداخلية وكلاهما ينتهي اسمه بـ»المشنوق»، فإن التدقيق في شعار «الشعب يريد اسقاط النظام»، يفضي بطريقة او اخرى, الى استحالة تحقيقه, أقله في بلد كلبنان، ليس بمقدور أحد (حتى الان) تغيير صيغته الطوائفية والمذهبية.. «السياسية»، ليس فقط لان هناك من يعارضها او يرى في الغائها خطراً عليه, كما لاحظنا في عدم تطبيق احد بنود الطائف الاساسية وهو (الغاء الطائفية السياسية) وكيف تتمترس كل زعامات الطوائف السياسية والدينية والمالية بل والاعلامية والثقافية (الى حد ما)، كي تحول دون تطبيق بند كهذا، وانما ايضاً, لأن قراراً اقليمياً (وربما دولياً) رافضاً إقامة نظام مدني وعلماني في لبنان, بهدف الإبقاء على لبنان ضعيفاً ومُستلباً ومُرتهناً, وخصوصاً بالون اختبار وساحة اشتباك وتجاذب اقليمي ودائماً عربي، كمصلحة عربية في الاساس.

يبدو أن شباب لبنان رفعوا سقف توقعاتهم وبدوّا اكثر انتشاء بما حققوه ونجحوا في تجسيده, عندما استجابت لهم هذه الالوف المؤلفة التي هتفت بصوت عال رافضة حال الجشع والبلادة التي تميزت بها الطبقة الحاكمة (وهي فعلاً «طبقة» رغم ما بينها من خلافات وصراعات وعداء، إلاّ انها في النهاية تلتقي عند مصالحها الضيقة والعابرة, بالضد من مصالح الغالبية العظمى من الشعب اللبناني بمختلف طوائفه وتعدد مذاهبه).

الى اين إذاً... من هنا؟

غُبار الاحتجاجات والغضب الشعبي لم يهدأ بعد أو ينقشع، لكن علينا انتظار ما سيفعله «الحُواة» وسالبو قوت الشعب اللبناني وسرّاق ثروته. فـ»جعبتهم» ما تزال ملأى.. بالمفاجآت.

(الرأي 2015-08-31)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات