حجم الدين أم الإدارة؟

في مجلة (تايم) الأميركية الأسبوعية (3/ 8/ 2015) تقرير لطيف عن جدلية المديونية وحسن إدارة الدولة ، خلاصته أن نوعية الإدارة العامة للدولة أهم من حجم المديونية ، فالمهم ليس ما إذا كانت المديونية كبيرة أم صغيرة ، بل ما إذا كانت الإدارة العامة ذات كفاءة وقدرة على التصرف.
يتحدث العالم الآن عن أزمة اليونان التي بلغت مديونيتها 173% من الناتج المحلي الإجمالي ، مع أن هناك دولة ، قد لا تخطر بالبال ، وهي اليابان تبلغ مديونيتها 246% من الناتج المحلي الإجمالي ومع ذلك تتمتع بمركز مالي قوي وثقة عامة لأنها قادرة على إدارة شؤونها بكفاءة.
الحكومة اليونانية ليس أمامها خيارات غير الاستسلام للدائنين وقبول شروطهم ، في حين أن الحكومة اليابانية لديها خيارات عديدة ، وتستطيع إذا شاءت أن تمارس سياسة التوسع في الإنفاق لتحفيز النمو أو تطبيق سياسة التقشف كما ترى مناسباً.
هناك بطبيعة الحال فروقات جوهرية بين البلدين ، فاليابان لديها سيطرة كاملة على عملتها ، مما يوفر لها قدراً كبيراً من المرونة وحرية الحركة ، في حين أن معظم مديونية اليونان تعود لدائنين أجانب ، ومحررة باليورو الذي لا تملك حكومة اليونان سيطرة عليه.
لكن الفرق الأساسي بين البلدين أن الحكم في اليابان أكثر كفاءة ، فالتهرب من دفع الضرائب في اليابان غير وارد ، في حين أن دافعي الضرائب في اليونان مدينون للخزينة بحوالي 86 مليار دولار يماطلون في دفعها في بلد تعاني موازنته من العجز.
الكفاءة لا تتوقف عند إدارة الدين العام ، ولا تقف عند وزارة المالية بالذات ، بل تعتمد على حسـن إدارة الدولة ، بحيث يسود حكم القانون ، ويتم تطبيق العقود قضائياً ، ويعاقب الفاسدون ، وهي أمور لا تتوفر في اليونان.
المستثمرون المحليون والأجانب يثقون باليابان ، ويتخوفون من التعامل مع اليونان حيث المخاطرة أكبر لدرجة ان الحكومة اليابانية تجد من يقرضها بسعر فائـدة لا يزيد عن نصف الواحد بالمائة ، في حين لا تجد اليونان من يشتري سنداتها إذا قلت فوائدها عن 11 إلى 16 بالمائة.
فيما يتعلق بحالة المديونية والإدارة في الأردن لا بد من التأكيد على أن الأردن ليس اليونان لحسن الحظ ولكنه ليس اليابان للأسف.
(الرأي 2015-09-01)