توني بلير.. يدان ملطختان بالدم والمال القذر

تم نشره الأربعاء 02nd أيلول / سبتمبر 2015 12:49 صباحاً
توني بلير.. يدان ملطختان بالدم والمال القذر
محمد خروب

لم يأتِ رئيس الوزراء البريطاني الحالي «المحافظ» ديفيد كاميرون، بجديد في مذكراته التي نشرت للتو في لندن تحت عنوان «Cameron at 10»، عندما قال: إن توني بلير رئيس الوزراء «العُمّالي» الأسبق، اقترح عليه قبل بداية قصف التحالف الغربي لليبيا، إبرام «صفقة» مع الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، إلاّ أنه رفض العرض، بذريعة أنه (كاميرون) لم يكن يريد أن يُقْدِم على أي فعل، يمكن أن يُفسَّر على أنه مساعدة للقائد الليبي».

وبصرف النظر عن صيغة التبجح والاستعلاء والغرور، الذي يفيض بها «كشف» كاميرون، وبخاصة أن الأخير ارتكب جريمة لا تقل فداحة ووحشية عن تلك التي قارفها بلير وجورج بوش الابن في حربهما الاجرامية على العراق، عندما فَبْرَك وساركوزي، «حكاية» الهجوم البرّي الذي يستعد القذافي لشنِّه على بنغازي، والمذابح التي سيرتكبها (جيش) الرئيس الليبي ضد المدنيين العُزل، ما أوجب على قادة الغرب المتنوّر والإنساني والمبشِّر بالقيم الإنسانية النبيلة مثل الحرية والديمقراطية والعدالة وغيرها من تلك الرطانة الكاذبة التي يُتْقنها المُستعمِرون الجدد أو احفاد المستعمِرين القدامى، فإن توني بلير هو مجرم حرب بامتياز، كان يتوجب بعد كل ما تكشف من حقائق حول كيفية التحضير للحرب على العراق والفبركات (الاستخبارية) التي تم اختراعها، والاحبولات الاعلامية التي تم حبكها، أن يُساق هو وجورج بوش الى المحكمة الجنائية الدولية، نظراً لما قارفاه من جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية، ما تزال تداعياتها وآثارها ونتائجها، وبخاصة في صناعة داعش وأشباهه من منظمات الإرهاب التكفيري والقتل الجوال وتجّار الحروب والرقيق الأبيض والسبي والتهجير وتدمير ذاكرة البشرية وحضارتها.

لا يأخذنا الغضب او تستبد بنا الحماسة، لفضح ارتكابات اكثر رموز الاستعمار الجديد قباحة وسفكاً للدماء، في مخالفة موصوفة للقانون الدولي، بقدر ما هي محاولة للإضاءة على هذه الرثاثة والاهتراء التي وصلها النظام العربي المتصدع القائم الآن، والذي وافق (أو أُرغِم) على مكافأة توني بلير على جريمته «العراقية» بتسليمه ملف القضية الفلسطينية «وتتويجه» مُمثلاً سامياً للرباعية الدولية المشلولة والكسيحة والعاجزة، حيث واصل تعطيل كل محاولات إدانة اسرائيل او تحميلها مسؤولية جرائمها في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولم يتورّع عن مجاملتها وصرف النظر عن مشروعها الاستيطاني، في الوقت ذاته الذي لم يتردد في انتقاد الجانب الفلسطيني سواء السلطة في رام الله ام حكومة حماس في غزة، دون ان تُضيء تقاريره إلى مجلس الامن، على اي جديّة في التعاطي الايجابي مع «عملية السلام» المزعومة، الى ان انتهت بثلاث حروب مدمرة لقطاع غزة والسقوط الاخلاقي المدوي للرباعية الدولية التي لم تكن «شروطها»، سوى السيف المُسلط على الجانب الفلسطيني المطلوب منه الالتزام بتلك الشروط التي تطمس على الحقوق الفلسطينية المشروعة في العودة والمقاومة وكنس الاحتلال، في الوقت عينه الذي لا تطلب فيه من اسرائيل شيئاً مقابلاً ولو معنوياً.

يدا توني بلير، الذي غادر موقعه في الرباعية الدولية، بعد ان افرغ مهمتها من مضمونها، ملطخة بدماء العراقيين والفلسطينيين، وهي ايضا ملوثة بالمال القذر الذي «استوفاه» من انظمة عربية فاسدة وقمعية كنظام القذافي الذي «وظّفه» مستشاراً لفخامة الاخ قائد الثورة، إرضاء لنرجسيته وغروره ظنّاً منه انه «ينتقم» من الاستعمار البريطاني بل الغربي كله، عندما يُعين «شخصاً» رئيساً لوزراء الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، مستشاراً لسيادته.

توني بلير خرج من الرباعية وراح «يعمل» مستشاراً لعديد من قادة الانظمة العربية، بجمع الاموال ويوزع الابتسامات الباهتة الصفراء، وهو ما يزال يجني «ريع» ما قدمه من خدمات للتحالف اليهودي والمسيحي المتصهين، وأركان المجمع الصناعي العسكري النفطي الذي يُحدّد الاهداف ويوزع الادوار والمهمات والوظائف، حيث يشغل الآن، منصب الرئيس «الشرفي» للمجلس الاوروبي المعني بـ»التسامح والمصالحة»، وذلك بهدف «معاداة السامية» في «جميع» أنحاء أوروبا (...).

اللافت أن مجرم الحرب الذي شارك بحماسة في تدمير العراق، ما يزال يُكافح من أجل «إرثه» الاجرامي، حيث يقود حملة شرسة ضد أبرز المرشحين لقيادة حزب العمال البريطاني بعد ان استقال زعيمه إد ميلياند، اثر الهزيمة الكاسحة التي لحقت به في الانتخابات الاخيرة. لهذا يصف بلير برنامج المرشح اليساري جيريمي كوربن، (الذي وعد بالاعتذار للعراقيين عن «الخداع» الذي سبق حرب 2003 عليهم، وبعدم الخوض في أي نزاع عسكري لا طائل منه) بأنه برنامج «خيالي» يشبه «قصص أليس في بلاد العجائب».. (دون أن نهمل وساطته المشبوهة أو قُلّ الصفقة المُريبة التي يسعى لعقدها بين إسرائيل وحماس).

فهل ثمّة شك في أن مجرم الحرب البريطاني بلير.. لم يستسلم بعد، وأنه ماضٍ في محاولة استعادة إرث وأمجاد (وأحقاد) أجداده المُستعمِرين؟.

(الراي 2015-09-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات