الانتقال لمرحلة الدولة العصرية

رئيس الوزراء تحدث عن إصلاح سياسي عميق وتاريخي، واعتبر قانون الانتخاب الذي تقدمت به الحكومة نقلة تاريخية نحو الديمقراطية، والكلام على ما هو عليه كمشروع يعد صحيحا، لكن السؤال فيما غذا سيجاز من مجلس الأمة كما هو، او أنه سيرد او يضاف عليه ما يحسنه او يتراجع به. وليس غائبا عن النواب ان كل الذين تحدثوا برأيهم حول المشروع قد أكدوا انه يعاكسهم، وان كثرا منهم سيفقدون فرص العودة للمجلس باعتبار نجاحهم في الاطر الضيقة التي انتخبوا على أساسها والمشروع الجديد ألغاها تماما.
أبرز ما في مسودة القانون اعتماد القوائم والفرز على أساس نسبي، ومعلوم انه لا ديمقراطية حقيقية بدون أحزاب، ولو ان القوائم تخصص فقط على أساس حزبي لتحقق كلام الرئيس تماما حيال الاصلاح العميق والتاريخي، في حين ان تركها مفتوحة للافراد انما سيعيد تجربة القوائم الماضية التي أفرزت نوابا كأفراد باعتبار عدم الالتزامات الفكرية والعقائدية وانعدام المرجعيات السياسية وتحمل المسؤولية.
الحياة الحزبية في الأردن متجذرة وعميقة، وهي مؤسسة فيه قبل وبعد تأسيس الامارة ثم في تاريخه كمملكة، وقد شهدت فترات تاريخية نشاطات ومشاركات حزبية وصلت حد تشكيل الحكومات، وهي بمجملها أحزاب قومية ويسارية ودينية، وظلت حاضرة في المشهد السياسي بشكل بارز طوال الوقت من مواقعها بالعمل السري، وقد تردت أحوالها اعتبارا من السماح لها بالعمل العلني. وما زال الامر كذلك حتى الآن وان بدرجات متفاوتة، ولا ينطبق الامر على حزب جبهة العمل الاسلامي.
الأحزاب التاريخية في الأردن هي أحزاب البعث والشيوعية اضافة لأحزاب الفصائل الفلسطينية التي أسست منظمات أردنية «حشد والوحدة الشعبية»، وهذه مازالت تعمل وان عضويتها الحزبية قلت كثيرا عما كانت عليه، وإتاحة الفرص لقوائم حزبية سيعيد جمهورها للتصويت، والامر ينطبق على الأحزاب الوسطية التي تأسست في السنوات الاخيرة، وسيبين مدى جماهيرية كل حزب ليحتل مكانه في النظام النسبي، ولا يشكل وجود حزب كبير كحزب جبهة العمل عائقا من اي نوع.
يبقى القول انه اذا صدقت النوايا لاصلاح جدري وتوفرت الارادة السياسية فان الانتقال سيتم وسيكون تاريخيا بالفعل، ولن يكون مجلس النواب عائقا باعتبار المونة عليه دائما.
(السبيل 2015-09-06)