مهاتير محمد والمعجزة الماليزية

أتاحت لنا مؤسسة شومان فرصة لقاء تفاعلي على مائدة إفطار مع رئيس وزراء ماليزيا الأسبق الدكتور مهاتير محمد، الذي ألقى علينا محاضرة قصيرة وأجاب على أسئلة الحضور واستفساراتهم.
مهاتير محمد يعتبر الأب المؤسس لدولة ماليزيا الحديثة، والانتقال بها من حالة التخلف والاستعمار إلى مرحلة من النهوض والتقدم، ومن هنا تأتي أهمية الاستماع لتجربته والدروس المستفادة منها.
لكن ما عرضه الضيف الكبير لم يكن مبهراً، فالنصائح التي قدمها من واقع التجربة الماليزية لا تختلف كثيراً عن النصائح التي يقدمها صندوق النقد الدولي والمؤسسات الدولية الأخرى:
يؤكد مهاتير محمد أهمية القطاع الخاص في تحقيق النمو الاقتصادي، وانسحاب الحكومة من كافة النشاطات التجارية وتركها لرجال الأعمال فهم أقدر من موظفي الحكومة على إدارة هذه النشاطات، وهو يطالب بالديمقراطية ولو أنه أكد أكثر من مرة أن للديمقراطية حدوداً، وفي التجربة الماليزية تمت معالجة الفقر عن طريق التوسع في التعليم المجاني والمدعوم، كما أنه دعا لاستقرار الحكومات لمدد كافية لتمكينها من تطبيق برامجها بدلاً من العودة إلى نقطة الصفر كلما جاءت حكومة جديدة.
للتجربة الماليزية خصوصية، فالشعب الماليزي مكون من ثلاث فئات عرقية هي الصينيون والهنود وهم أغنياء، والماليزيون الذين يسميهم المحاضر السكان الأصليين وهم فقراء متخلفون. ومن الواضح أن المسؤول الماليزي مارس التمييز الإيجابي لحساب السكان الإصليين ليس من قبيل تحقيق العدالة والمساواة فقط، بل لأسباب وطنية باعتبار أن الصينيين والهنود الذين يشكلون ثلث السكان ويسيطرون على الاقتصاد يعتبرون غرباء ودخلاء يجب استيعابهم كشركاء.
هناك مبالغة كبيرة في تقدير (المعجزة) الاقتصادية التي تحققت في ماليزيا، فالواقع أن جميع بلدان الشرق الأقصى وليس ماليزيا فقط حققت نهضة كبيرة وقد أطلق عليها وصف النمور، ولم تختلف ماليزيا كثيراً عن غيرها من دول الشرق الأقصى التي نهضت في نفس الفترة وحققت المعجزة، بل ربما كان تقدم الدول الاخرى مثل سنغافورة وكوريا الجنوبية وتايوان أكثر مما تحقق في ماليزيا.
في لقاءاته المتعددة كان مهاتير محمد أستاذاً وحاول بعض الحضور أخذ دور طلاب للتجربة الماليزية والدروس المستفادة منهأ ولكن معظم الأفكار التي طرحها الضيف جاءت من النوع الذي نعرفه جيداً ونقرأه في بيانات الحكومة ويرقى إلى مستوى المسلمات.
(الرأي 2015-09-08)