جوده : الاردن يرفض استهداف أي مكون في المنطقة على أساس عرقي أو ديني
المدينة نيوز :- ترأس نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جوده الى جانب وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس المؤتمر الدولي حول ضحايا العنف العِرقي والديني في الشرق الاوسط الذي الذي افتتح اعماله الرئيس الفرنسي فرانسو اولاند في باريس اليوم الثلاثاء، برعاية فرنسية أردنية مشتركة.
وناقش المؤتمر الذي انعقد بمشاركة اكثر من مائة شخصية دولية من وزراء خارجية، وكبار رجال الدين المسيحي والإسلامي وبرلمانين وإعلاميين من دول الشرق الأوسط والعالم، أهمية تعزيز التسامح والتنوع في المنطقة وحماية السكان الذين تتعرض سلامتهم وهويتهم للخطر وتوفير المساعدة لهم.
وقال جوده ان الاردن، اذ يؤكد موقفه المبدئي ورفضه الكامل والقاطع لجميع اشكال الاستهداف لاي مكونٍ في منطقتنا على أساس عرقي أو ديني، ليعلن التزامَه المبدئيَّ، وحرصَه، على تجسيدٍ عملي، مباشر وملموس، للمحاور الثلاثة التي يرتكز إليها هذا المؤتمرُ: الإنساني، والقضائي، والسياسي. ويرى في الالتزام بتنفيذها، أولويةً متقدمة للحفاظ عن التنوع المجتمعي في الشرق الأوسط، ولوقف التطرف الذي يقود للعنف الديني والعرقي في المنطقة، بما يمنع تمدده إلى العالم، ويعالج آثاره وضحاياه.
واكد أن الاردن وقف موقفا مبدئيّاً، مبكراً، من ظاهرةِ الإرهاب والتطرف، وهو الموقفُ الذي ينطلق، أساساً، من رسالة القيادة الهاشمية وشرعيّتِها ومن التكوين الثقافي للشعب الأردني، ومن فهمِنا الحقيقي للدين الإسلامي الحنيف حيث جلالةُ الملك عبدالله الثاني، دائماً، في المقدمةِ، داعياً إلى مجابهةٍ شاملةٍ مع الإرهاب، لا تكتفي بالردع الأمني أو العسكري فحسب، وإنما تتنبّه إلى الجهد طويل الأمد والمتمثل بالتحصين الثقافي، ودعم المناعة الاجتماعية، وتوجيه المبادرات لتعميق ثقافة التواصل والانفتاح والتقريب، وتكريس شراكة قطاع الشباب، وبما يكفلُ الدفاعَ عن الصورة الحقيقية المشرقة لديننا الحنيف، الإسلامِ الواحدِ المستنير؛ إسلامِ الرحمةِ والتكافل والمودة.
واشار الى ان أن أكثرَ ضحايا هذا الإرهابِ البغيض الأعمى هم المسلمون أنفسُهم، فهذا الوباءُ لا يميّز بين ملةٍ وأخرى أو عرق وآخر، بل يسعى لتفتيت المجتمعات، ويجدُ بيئتَه الحاضنةَ في الخراب والدمار والتهجير وفي الترويع والقتل.
واقتبس جوده من خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين أمام الجمعية العامة للامم المتحدة في دورتها الـتاسعة والستين، تاكيد جلالته بأنه "لا بد من توجه عالمي آخر، وهو التأكيد الحاسم على الاحترام المتبادل بين أتباع الدين الواحد وبين الأديان والشعوب على اختلافها، إن تعاليم الإسلام الحنيف واضحة بهذا الشأن، فالإسلام يرفض الصراع الطائفي بالمطلق، ويحرم العنف ضد المسيحيين والطوائف الأخرى من مكونات المجتمعات في البلدان المختلفة"، كما اكد فيه جلالته من جديد "أن المسيحيين العرب جزء لا يتجزأ من ماضي منطقتنا وحاضرها ومستقبلها".
وقال: لقد بادرت القيادةُ الهاشمية، منذ وقت مبكر، لتقديم ورعاية المبادرات السامية النوعية والواعية إلى تركيبة المنطقة وخطورة التحديات التي تواجهها، انطلاقا من "رسالة عمان"، مرورا إلى "كلمة سواء"، إلى "أسبوع الوئام العالمي بين الاديان"، وبهذا نحن نترجم الاقوال الى افعال، ويواصل الاردن دوره من منطلق وصاية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف، برعاية هذه المقدسات وعلى رأسها المسجد الاقصى المبارك، وبالدفاع عن طابع المدينة المقدسة التاريخي وهويتها العربية الإسلامية المسيحية.
وأضاف أنه وعند الحديث عن مواجهة طويلة الامد ومواجهة ايدلوجية لا بد أن نكسبها، وإيمانا بدور الشباب في رسم صورة افضل ومستقبل مشرق لمنطقتنا والعالم جاءت مبادرة سموّ وليّ العهد الأمير الحسين بن عبدالله، قبل أقل من شهر، بعقد "المؤتمر الدولي للشباب "السلام والأمن"، والذي جاء كتنفيذ عملي، لخطاب سموه، لدى ترؤّسِه، جلسة مجلس الأمن، في نيسان الماضي بعنوان "صون السلام والأمن الدوليين: دور الشباب في مكافحة التطرف العنيف وتعزيز السلام" والتي دعى لها الاردن ضمن الدور الذي يضطلع به لدعم السلم والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط والعالم، وقد تمخض عن المؤتمر "اعلان عمان للشباب" الذي يقدم رؤية مشتركة وخارطة طريق نحو إطار أفضل للسياسات من أجل دعم دور الشباب وتمكينهم من التعامل مع الصراعات، ومنع العنف والتصدي له وبناء السلم المستدام.
واكد ان الأردنُ الذي يقوم بواجبه كاملاً، في المجابهة الشاملة للارهاب والتطرف، ويمنع جيشُه، هذا الخطرَ من التمدد أو التسلل إلى سائر دول المنطقة، والعالم؛ إنما يقوم، أيضاً بواجبه الانساني وبالنيابة عن المجتمع الدولي كله، بتحمل اعباء استضافة وتأمين الملايين من اللاجئين المهجّرين، من شتى العروق والاديان والمذاهب.
وقال: وفي الوقت الذي تبحث فيه الدول الاوروبية والمنظمات الدولية اليوم عن سبل معالجة ازمة اللجوء الانساني من منطقتنا، وبالاخص من سوريا، والتي وصلت تداعياتها الى شواطئ اوروبا وعواصمها، لتثقل ضمير الانسانية بنتائج المأساة التي يعانيها ضحايا التطرف، والعنف، والنزاعات المستعرة في منطقتنا، لا بد من الاشارة الى أن بلدي، الاردن، هو من اكثر الدول التي تحملت، ولا تزال، اعباء المأساة الانسانية الناجمة عن الازمة السورية التي دخلت عامها الخامس، وقد تحملت وتتحمل هذا العبء ولسنوات ايمانا مطلق بمبادئنا وديننا وقناعاتنا.
فالأردن، وبالرغم من الوضع الاقتصادي الصعب الذي يمر به، والضغط الهائل على موارده، لا يدخر جهدا، ولا يتأخر، في تقاسم امكانياته المحدودة وبنيته التحتية مع 1.5 مليون من الاشقاء السوريين الذين لجؤوا اليه هربا من أتون الحرب المستعرة في بلادهم، وهنا اسمحوا لي أن احذر من ان استمرار الازمات في منطقتنا بدون اتضاح لافق الحلول السياسية الشاملة يعني أن التبعات ستتجاوز، بكل تأكيد، حدود المنطقة الى ما بعدها.
واضاف انه وفي الوقت الذي يتمسّك فيه الأردنُ بموقفه، إزاءَ حصريّة الحل السياسي للأزمة السورية، وأولويّةِ دعمِ العملية السياسية لتحقيق الاستقرار في العراق الشقيق، ونزعِ أي غطاءٍ مفترض، عن جماعات العنف والإرهاب، بدعوى الإقصاء السياسي والتمييز؛ فإن استمرار غيابِ الحل الشامل والعادل عن القضية الفلسطينية، بوصفها القضيةَ المركزيةَ، هو ما يزيد من مشاعر الإحباط وفقدان الثقة بالشرعية الدولية، لقد أكد الاردن بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين دوما على أولوية القضية الفلسطينية، وكونها تمثل عقدةَ الصراع في المنطقة، ولا حلّ لها إلا عبر الحل التفاوضي المحدد بإطار زمني والذي تقوم بموجبه الدولة الفلسطينية المستقلة التي تضمن كرامة الشعب الفلسطيني على التراب الوطني الفلسطيني وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 استنادا الى المرجعيات الدولية وخاصة مبادرة السلام العربية.
واشار جوده الى ان الاردنيين قدموا على مرّ التاريخ صورةً مشرقةً جديرةً بالقراءة والتعميم، بأن تكون نموذجاً حيّاً للعلاقة بين المكونات الوطنية، واعتبار التنوع المذهبي والعرقي عاملَ قوّةٍ ومصدرَ ثراءٍ للمجتمع والدولة، ولقد تجاوز الأردنيون مفردةَ "التعايش" بين المكونات الداخلية، ولا يوجد في قاموسنا كلمة مثل كلمة أقليات والتي تخلينا منذ عقود عن هذه المصطاحات، إلى واقعٍ ماثلٍ، يتجسد فيه التآخي، بأبهى صوره، وتقوم فيه العلاقاتُ على أساسٍ من الوحدة الثقافية، وقيمِ ومعاني المواطنة، والاعتزاز بالتنوع، وصون الخصوصيات في إطارٍ من الهويةِ الوطنيةِ الجامعة، ولقد قام الأردنيون المسيحيون والدروز والشركس والأكراد والشيشان وغيرُهم، وبوصفهم مواطنين أردنيين، وجزءاً أصيلاً من الذات الوطنية، بأدوار تاريخية مهمة ومشهودة، في خدمة الأردن، وبناءِ نهضتِه والدفاع عن منجزاته، وفي مسيرة التنوير والوعي والانفتاح، ونظرة الى تركيبة الوفد الاردني المشارك اليوم تؤكد هذا الذي اشرت اليه. وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا اولاند اكد خلال كلمته التي افتتح بها اعمال المؤتمر أهمية الدور الاردني بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في تحقيق التعايش بين اتباع مختلف الديانات مشيدا باهمية المبادرات التي اطلقها الاردن بهذا الاطار وابرزها رسالة عمان التي توضح حقيقة الدين الاسلامي الحنيف كدين للتسامح والوسطية والاعتدال وقبول الاخر ونبذ العنف والتطرف.
واكد جوده في مؤتمر صحفي مشترك عقده مع نظيره الفرنسي عقب المؤتمر أهمية أن يعمل المجتمع الدولي بكافة الادوات الامكانات المتاحة للتصدي لهذا الفكر الظلامي، مؤكدا ان الاردن في طليعة هذا الجهد لانها معركتنا وديننا يختطف من قبل هذه الفئات الضاله.
واكد أهمية العمل على متابعة وتنفيذ مخرجات هذا المؤتمر وتوصياته وتطبيقها على أرض الواقع وايجاد الاليات الكفيلة بالمتابعة والتنفيذ.
وشدد على أهمية حل النزاعات الطائفية والعرقية من خلال المسارات السياسية فقط معتبرها الطريقة الاسلم والانجح.
ومن جهته اشاد فابيوس بجهود الاردن الرامية الى مواجهة التطرف والارهاب.
واجرى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين ناصر جوده في باريس اليوم على هامش اعمال المؤتمر مباحثات مع وزير الخارجية التركي فريدون سنرل اوجو ووزير الخارجية الدنمارك كرستين جنسن ووزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس ونائب الامين العام للامم المتحدة جون الياسون ومفوضة السياسية الخارجية والامنية للاتحاد الاوروبي فديريكا موغريني، تركزت على العلاقات الثنائية وتطورات الاوضاع في المنطقة والتحديات التي تواجهها وخاصة ظاهرة التطرف والارهاب والجهود الدولية المبذولة لمكافحتها.
وتم خلال اللقاء استعراض الاوضاع الحالية التي تشهدها المنطقة حيث اكد جوده على موقف الاردن الداعي الى اهمية ايجاد حلول سياسية لهذه القضايا واهمية تضافر جهود الجميع لمواجهة ظاهرة التطرف والارهاب مؤكدا ان الاردن يبقى في طليعة هذه الجهود وان الحرب على الارهاب كما يصفها جلالة الملك فانها حرب عالمية ثالثة باسلوب اخر.
وبحث اللقاء تطورات الوضع الى الساحة الفلسطينية واكد جوده اهمية الحل التفاوضي المحدد باطار زمني الذي تقوم بموجبه الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 استنادا الى المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية.
كما اكد جوده على موقف الاردن الثابت منذ بداية الازمة السورية الداعي الى اهمية ايجاد حل سياسي يضمن امن وامان سوريا ووحدتها الترابية بمشاركة كافة مكونات الشعب السوري.
ومن جانبهم أكد المسؤولون أن الدوليين اثناء المباحثات تقديرهم لدور الاردن المحوري بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني؛ لتحقيق الامن والاستقرار في المنطقة ودعم بلادهم لهذا الدور الهام.