مقال بعنوان: ولا تقربوا الصلاة ...!
نشر قبل عدة أيام على عدد كبير من المواقع الإخبارية الأردنية خبر مفاده أن وزارة التربية والتعليم ألغت الإعتراف بشهادة الثانوية العامة السعودية، ما سبب حالة كبيرة من اللغط وسط أكبر جالية أردنية في العالم تتمركز في المملكة العربية السعودية، وبالنسبة لنا كان الخبر غريباً حيث أن لدينا من أفراد العائلة من سيتقدمون للاختبار في العام القادم باذن الله، وقد أشبعنا الأمر نقاشاً قبل إنتشار الخبر حيث كنا علمنا بالقرار الصادر من الوزارة بتاريخ 17-08-2015م بعدم اعتماد أي شهادة "مدرسية" إلا إذا ما أرفقت باختبار قدرات وإختبار تحصيلي من البلد المصدرة للشهادة، ولا يوجد في القرار ما يقول بالغاء الاعتراف بشهادة الثانوية العامة السعودية بتاتاً، وبصرف النظر عن دوافع ناشري الخبر بهذه الطريقة، وجدنا أنه من واجبنا الحصول على حقيقة الأمر من المصدر والمطالبة بتوضيحه بأسرع وقت قبل انتشاره بشكل خاطئ خصوصاً بعد تواصل بعض الزملاء في الصحافة السعودية معنا مستغربين للأمر، فسارعنا لايصال الأمر للمسؤولين المعنيين والتواصل مع الدائرة الاعلامية في وزارة التربية والتعليم الأردنية والناطق الاعلامي بالوزارة الذين أكدوا لنا جميعاً عدم صحة الخبر، وتم إيصالنا بعطوفة الأمين العام رئيس لجنة معادلة الشهادات في الوزارة، والذي أوصلنا الصحافة السعودية به للحصول على المعلومة من مصدرها وتم ذلك بنشر خبر في الصحافة السعودية يوضح حقيقة القرار كما أوضحه الأمين العام، لكننا لم نكتفي بذلك بل تواصلنا بأنفسنا مع الأمين العام الذي تعاون معنا لأبعد درجة وأكد لنا ما كنا نفهمه من القرار، وهو أن شهادة الثانوية العامة السعودية لم يتم إلغاء الاعتراف بها، لكن الوزارة اشترطت لمعادلتها الشروط ذاتها للقبول في الجامعات السعودية لا أكثر، وهي الاختبار التحصيلي وإختبار القدرات العامة الذين صدر قرار اعتمادهما كشرط أساسي لدخول الجامعات السعودية قبل حوالي 15 عاماً وعقد أول اختبار تحصيلي قبل 11 عاماً، وهو نوعين الأول تحصيلي للكليات العلمية ويقيس قدرات الطلاب في مواد: الأحياء، والكيمياء، والفيزياء، والرياضيات في مقررات الصفوف الثانوية الثلاثة، والثاني إختبار تحصيلي للكليات النظرية ويقيس قدرات الطلاب في مواد: التفسير والحديث والتوحيد والفقه والنحو والأدب والبلاغة والتاريخ والجغرافيا في مقررات الصفوف الثانوية الثلاثة أيضاً، وهو إجباري للقبول في بعض الجامعات والكليات وكل جامعة تشترط درجة محددة من التحصيلي، كما يمكن للمسجلين اجراء إختبارين كل سنة والأفضلية لأعلى درجة، ومدة الاختبار ساعتين ونصف الساعة، أما إختبار القدرات العامة فيقيس قدرات الطلاب في الرياضيات واللغة العربية، وعقد أول اختبار للأولاد قبل 12 عاماً، وأول إختبار للفتيات قبل ستة أعوام، وهو قسمين القسم الكمي ويشمل الأسئلة الرياضية المناسبة وفقاً للتخصص في الثانوية العامة علمي أو نظري، والقسم اللغوي، ويجب على الطالب أن يجيب عن الأسئلة بما لا يتجاوز ساعتين ونصف مدة الاختبار، ولا يوجد في الاختبار نجاح ورسوب ولكن يحصل الطالب على درجة معينة لها وزن عند الجهة التي يتقدم إليها، ولا تقارن درجة إختبار القدرات أو التحصيلي بنسبة الثانوية العامة فلكل وزنه، ويعتبر المركز الوطني للقياس والتقويم في السعودية جهة مستقلة إستقلالاً تاماً عن الجامعات، وهو يتولى كل ما يتعلق بالاختبارين وذلك بهدف تحقيق الإنصاف وتساوي فرص القبول في الجامعات وما يماثلها، وبالتالي نجد مما سبق أن وزارة التربية والتعليم الأردنية أقرت هذا الشرط لمعادلة الشهادة لتحقيق شروط القبول في جامعات البلد التي ينهي منها الطالب الثانوية العامة، بمعنى أن من يريد أن ينهي الثانوية العامة من أي بلد فعليه تحقيق اشتراطات القبول في جامعات تلك البلد ليكون مؤهلاً للقبول في الجامعات الأردنية، فكيف يمكن أن لا يكون الطالب مؤهلاً للقبول في جامعات البلد التي تقدم بها لامتحان الثانوية العامة ويكون مؤهلا للدخول في الجامعات الأردنية، كما أكد الأمين العام للوزارة عند سؤالنا لنا عن تحديد آلية واضحة لطريقة احتساب معدل شهادة الثانوية مع نتيجة الاختبارين، بأن القرار تم إقراره قبل شهر فقط وسيتم تشكيل اللجان الخاصة بهذا العمل خلال الأشهر القادمة حيث أن الوزارة ملتزمة بتحديد هذه الآلية قبل نهاية العام الدراسي الحالي بكل تأكيد.
والحقيقة أننا في كل مرة نستغرب ممن لا يتوخى الحذر قبل نشر أي كلمة، ولا يتفكر جيداً بمعناها قبل النطق بها، فكم من كلمة دمرت أوطاناً وقلبتها رأساً على عقب، أم أننا ننسى أحياناً قول حبيبنا رسول الله محمد عليه الصلاة والسلام الذي رواه مسلم: (كفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع)، أو أنه لا يصح لنا قراءة المقطع الأول من الآية الكريمة 43 من سورة النساء {يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة} مجتزءاً بدون إكماله {وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون}، إلا أن يتعمد أحدنا ذلك فهذا أمر آخر، وعندما نتحدث عن أمانة الكلمة نؤكد على ضرورة ترسيخ مبدأ الثواب والعقاب في المجال الإعلامي في بلادنا، فلا يجوز لأحد أن يأخذ خبراً مبهماً بتحرش أحد المسؤولين بسيدة ويبدأ لعبة الأسماء متهماً هذا الوزير أو ذاك في عرضه وشرفه دون أي دليل، كما لا يجوز لقنوات إعلامية أثبتت تميزها وحضورها في بلادنا في السنوات الماضية أن تخرج علينا بمواد غير مقبولة لا تليق بمجتمعنا الأردني بأي شكل من الأشكال، واثقين أن هذا الأمر سيجد دائماً ما يناسبه من القضاء الأردني الذي نحترم ونقدر، مع ضرورة التأكيد على ضرورة إحترام خلافنا مع أي طرف وعدم تحويله إلى حرب دينية وطائفية مقيتة وإتهام هذه القناة أو تلك بأنها تبشيرية وعنصرية فقط لأن القائمين عليها من الديانة المسيحية أو أنها داعشية فقط لأن من يقوم عليها من هذا الحزب أو ذاك، برغم أننا رأينا كثير من الزملاء المسيحيين الذين نحترم يعلنون رفضهم لكل مادة لا تناسب مجتمعنا منذ اللحظة الأولى تماماً كنظرائهم من المسلمين، كما نرفض رفضاً قاطعاً تجرأ أي إنسان على أي رمز ديني من رموزنا الإسلامية مهما كان منصبه في مجلس النواب أو غيره تماماً كرفضنا للتعرض لجميع رموز الديانات السماوية الأخرى، فأن نختلف هذا طبيعي ولكن باحترامنا لبعضنا وعدم المبالغة في الأمر وتحويله إلى أمور لا علاقة لها بالخلاف الأساسي، فلا يجوز إستغلال أي خطأ لتقسيم وطن وبث الفتنة والفرقة بين أبناءه، كما لا يجوز أن نكون ممن ينتظر خطأ ابن بلدنا لننطلق نحوه للاجهاز عليه بدلاً من محاسبته وفق القانون الذي يحكم الجميع وبطريقة تحفظ له كرامته وحقوقه وقدرته على الوقوف والتميز مجدداً، فهكذا نحفظ وطننا الذي يتسع للجميع وسيبقى كذلك في قلوبنا وعيوننا ولن يضيق يوماً بأحد أبناءه وإن ضاقت بعض العقول بأفكارها، وصدق من قال لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أحلام الرجال تضيق، حمى الله الوطن ووفقنا جميعاً لصون كلماتنا والمساهمة بها في رفعة أوطاننا وبنائها لا هدمها وتدميرها.