سورية بلا سوريين

تم نشره السبت 12 أيلول / سبتمبر 2015 02:37 صباحاً
سورية بلا سوريين
ماهر ابو طير

على الارجح نحن امام مشهد خطير، سيؤدي الى تفريغ سورية من السوريين، وتحديدا من السوريين السنة اذا بقي المشهد على ذات الوتيرة. ملايين السوريين يعيشون اليوم في الاردن تركيا لبنان مصر العراق، ودول عربية اخرى، وملايين السوريين سوف يهاجرون تدريجيا، خصوصا، مع كثرة الضخ الاعلامي حول الموقف الاوروبي الذي يستقطب السوريين في دول مثل المانيا، ودول اخرى، والضغوطات لاستيعاب اعداد اضافية عبر الية توزيع قد يعتمدها الاتحاد الاوروبي. نحن امام ظاهرة توقف السوريين عن اللجوء لدول عربية واسلامية، لاعتبارات كثيرة، والتوجه الى اوروبا، التي تنقسم الى غربية ترحب باللاجئين، ترحيبا يتسبب بمزيد من الاغراءات للسوريين للخروج من سورية، وتلك الدول الشرقية التي تتمنع عن استقبال لاجئين سوريين، الا ضمن معايير محددة. المانيا تتوقع لوحدها ان تستوعب مليون سوري قبيل نهاية هذا العام، ودول اخرى تستعد وتفاوض على الاعداد، والرسالة التي تصل السوريين عبر الاعلام ان مكانا ما في اوروبا جاهز، فمرحى للحياة الجديدة والجنسية الغربية والحقوق والواجبات، بدلا من حياة الموت والقتل والصراعات، التي تحولت الى طارد يكمل دور العنصر الجاذب في الغرب. الولايات المتحدة بدورها تريد ان ينعكس الصراع على اوروبا ويدمرها اقتصاديا، وهي على الرغم من امكاناتها لا ترحب الا بعشرة الاف سوري، فيما كل التوقعات تتحدث عن ملايين السوريين في اوروبا، في سياقات جديدة، تفرض عليهم التكيف مع الثقافة واللغة والدين واشتراطات الحياة في الغرب. اوروبا متوترة لاعتبارات كثيرة، لكنها تتنافس فيما بينها على من هو الاكثر انسانية، وفي النهاية سيجد الملايين من السوريين طريقهم الى اوروبا بشكل او بآخر. من سيتبقى في سورية في هذه الحالة.سؤال مهم، خصوصا، ان مخطط التفريغ بعنصريه الجاذب الاوروبي والطارد اي الوضع الداخلي، يكملان بعضهما البعض، لاعادة تشكيل خارطة سورية الشعبية الداخلية، اذ نحن امام سورية جديدة، تختل فيها التركيبة، لصالح العلويين وبعض الفئات الاخرى، مقابل تفريغ سورية من السنة تحديدا؟!. ذات المانيا التي استقبلت الكثيرين، تعلن نيتها استقبال المزيد، وهي تستخدم هذه الورقة لاحراج دول اوروبية اخرى ترفض استقبال عشرة الاف سوري، فيما هي تقبل مليونا، وهي هنا توظف ورقة حقوق الانسان بذكاء، لتفرض في النهاية، توزيعا للسوريين على كل اوروبا، باعتبارها تطلب وتنفذ وتستقبل حقا. سنصحو ذات يوم، على سورية بلا سوريين، او قل سورية بربع السوريين الذين كانوا فيها، والمؤكد هنا ان المستفيد الوحيد هو اسرائيل، التي استطاعت تدمير كل البنى التحتية الاجتماعية في جوار فلسطين المحتلة، من اجل ان تكبر في العمر بأقل عدد ممكن من الاعداء، واحفاد الاعداء على حد سواء، ومعهم المستفيد الثاني الذي يتطابق في سياسات التطهير الديني والعرقي والمذهبي، اي معسكر ايران اذ تنفرج اساريره وهو يرى سورية بأقل عدد ممكن من السوريين السنة، ولعلها مفارقة هنا، ان يعمل الجميع لذات الهدف، والغاية، وان تعددت الاسباب والوسائل.

(الدستور 2015-09-12)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات