أولوية استعادة الثقة

تم نشره السبت 12 أيلول / سبتمبر 2015 02:39 صباحاً
أولوية استعادة الثقة
حسن احمد الشوبكي

ثمة انهيار للثقة في عدد من الدول العربية، ينذر بتفكك اقتصادي يهدد الأسس الأولى للمعيشة والتعايش، عقب خلل قيمي أطل برأسه وتفشى على شكل أزمات لا حصر لها من حولنا. ويتفق منظرو الاقتصاد حيال رمزية الثقة والمبادئ والأخلاق، ودورها الكبير في التأسيس للتنمية والحياة وتحسين شروط معيشة الإنسان.
غاب عامل الثقة بشكل جزئي عن شبكة علاقات الشعوب العربية بالنخب والمؤسسات والحكومات، وحتى في القطاع الخاص، عموما. وبعد احتجاجات اتخذت أشكالا دامية في مجملها خلال السنوات الماضية، أمست الثقة خيالا حالما لا مكان له على الأرض. بل إن الواقع العربي بتفاصيله المؤلمة اليوم استدعى هروبا إلى قارات أخرى بحثا عن حلول.
بمن سيثق اللاجئ السوري الذي ركب البحر هربا من القتل في بلاده، ووصل إلى شواطئ لا ترغب في استقباله؟ وأي خراب للثقة والأخلاق بعد تدويل مسألة إيجاد ملاذات آمنة للعائلات الثكلى؟ وحال العراقي لا يقل قسوة عن حال السوري؛ فقد مزقه العنف والتطرف والاحتلال، وحوّله إلى باحث عن فرصة لجوء لا تأتي في معظم الأحيان. وكذلك الأمر بالنسبة لليمني والليبي والمصري وغيرهم، من عرب فروا إلى عوالم بعيدة بحثا عن أفق جديد.
السؤال الأكثر خطورة في تقديري هو: إلى ما سيؤول جيل عربي لم يتعلم شيئا منذ أربع سنوات في اليمن وسورية والعراق وليبيا، أو تعلم النزر اليسير تحت أصوات الرصاص؟
وإذا كان هذا الجيل قد أمسى أميا، بسبب غياب فرصة التعليم عقب نزوح ولجوء ومرارات غير منتهية، فإن زرع الثقة سيكون ضربا من المستحيل. ولا ينفع هنا حديث القومية والوطنية والهوية الجمعية، إذ سيكون هذا الجيل في حالة عداء مع كل ما يحيط به، وخطرا محدقا أينما ارتحل.
ذاك في دول عربية تشهد أوضاعا ومواجهات دامية. أما في الدول التي تتحرك ضمن هوامش استقرار نسبية، فإن أزمة الثقة بالغة وعميقة أيضا. إذ تكشف استطلاعات الرأي في أكثر من دولة عدم ثقة المواطن بالنخبة ومؤسسات الاقتصاد العامة والخاصة وكذلك بالنسبة للبرلمانات. كما ثمة تشكيك بين المستثمر والحكومة والعكس صحيح.
وقد يبدو للبعض أن الحديث عن انهيار الثقة ترف، لكن المسألة مفصلية، فلا مكان للنجاح أو التكيف إلا بزرع بذور الثقة والمصداقية من جديد. ولعل العبث الذي يتصاعد من حولنا وبيننا على شكل غرائزية وعنصرية وطائفية في مواقع التواصل الاجتماعي، يدعونا إلى التفكير مجددا بالثقة والتعايش، بحثا عن إجابات لأسئلة المستقبل.
مرعب أن ينتظر اليمني والسوري والعراقي والليبي والمصري وغيرهم حلولا لأزماتهم الكبيرة والصغيرة من الخارج، بعد أن خذلهم الداخل بكل ما فيه من هوان واستبداد.

(الغد 2015-09-12)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات