«شيطنة» روسيا.. و«تشويه» دورها !

لم تتوقف آلة الاعلام الغربية الرهيبة، وخصوصاً تلك الصهيونية (وإن بحذر اكبر ولكن بخبث وتحريض لا يخفيان) عن «ذم» روسيا والتحذير من دورها «المُتوقع» في الازمة السورية، بعد ان لم يعد السؤال إن كانت موسكو تُفكر برفع وتيرة دعمها «الشامل» لدمشق؟، بل متى سيُترجم ميدانياً هذا الدور؟، الذي بات ضرورياً لإعادة الأمور الى نصابها وعدم السماح باختلال موازين القوى، لصالح الذين لم يتوقفوا عن تدميرها وإشاعة الفوضى والخراب في ارجائها.
ما علينا..
في وقت تتواصل فيه عمليات «جيوش الارهابيين» المُجهّزة تُركياً وغربياً تبحث عن دور او تتوسل مكانة في اقليم تعصف به المتغيرات وتطيحه رياح التعصب والتطرف والغلو، وتُبدي جماعات الارهابيين التي تعيث فساداً ودماراً في سوريا، نوعاً من «الجسارة» في هجماتها، على نحو يمكن للمرء القول بدون الوقوع في فخ التسرّع, انه مُنسّق ويجري وفق سيناريوهات مُعدّة سلفاً، تتموضع تركيا اردوغان في صدارة الذين يسعون الى احداث «كسر» حقيقي في التوازن القائم، عبر اشعال معركة «تحرير» حلب، الذي يرى فيها هذا العثماني الجديد المتعصب، أنها «درّة» التاج السلطاني العثماني, ما يعني انه سيكون قادراً (وقتذاك) ليس فقط على فرض المنطقة «العازلة» التي يتوهم ان بمستطاعه اقامتها، بل والاسهام في رسم خرائط «بلاد الشام» بعد أن يكون قد «أسقط» النظام القائم فيها وشرب «انخاب» انتصاره وجيوش الارهابيين الذين لم يعد أحد في العالم - حتى في داخل بلاده - يُنكر بأنهم من صناعته وتدريبه وتسهيلاته اللوجستية.
في الاجواء الراهنة التي فشلت فيها واشنطن، بعد عام على اقامتها التحالف الدولي لمحاربة الارهاب, كانت موسكو تُراقب الاوضاع عن كثب وتُتابع المستجدات وبالونات الاختبار والحروب (الجديدة) التي يجري افتعالها لخلط الاوراق, وبث المزيد من «الدخان» للتعمية على الخطط التي يخرجونها من الجوارير، والفبركات الاعلامية التي يجري الترويج لها وبخاصة في الغمز من قناة موسكو والتشكيك في صدقية تحالفاتها وانها باتت مستعدة لادارة ظهرها لدمشق، مقابل حفظ مصالحها في سوريا.. بل لم يتورع اردوغان عن الادعاء: انه «فهم» ذلك من بوتين شخصياً.
يصعب على المتابع لمسار الدبلوماسية الروسية قبل اندلاع الازمة الاوكرانية وخصوصاً بعدها, فضلاً عن اتفاق 14 تموز الماضي الذي (أطاح) الكثير من التوقعات والقراءات والسيناريوهات، ونقصد هنا الاتفاق النووي مع ايران, أن يتجاهل ان موسكو التي «لُدغِت» من الحال الليبية والخديعة الغربية اللئيمة التي انطوى عليها قرارا مجلس الامن 1970 و1973, لا يمكن ان تسمح لنفسها - وفي سوريا بالذات - بالوقوع في فخ مثل ذلك الليبي, ما بالك ان الغرب الامبريالي لا يخفي سعيه لـِ»تركيب» فيدرالية او كونفدرالية سورية، تُشبه تلك السائر نحوها العراق، في تسارع مخيف، وما يؤخر ذلك أو عدم وضعه موضع التطبيق الفوري، هو في انتظار «تصديق» الكونغرس على الاتفاق النووي الذي لن يتأخر عن يوم الجمعة القريب. (فضلاً عن المقاومة الشرسة التي يُبديها الرافضون للهيمنة الاميركية).
موسكو «تلعب» على المكشوف، ولا تُخفي اوراقها وهي تلجأ الى الدبلوماسية المباشرة وبإيقاع عسكري, بعد أن أصرّ الغرب الاستعماري على المضي قدماً في مغامرتهم السورية (دع عنك الليبية واليمنية والعراقية) لقناعتهم الراسخة بأن سوريا هي «واسطة» العقد وأن «كسرها» هو الطريق لفرض شروطهم وخرائطهم وضمان مصالحهم.. موسكو تقول: هذا لن يَمُرّ، وتُحذر من العواقب.. أما اوباما فيكابر ويقول: انضموا الينا وإلاّ ستواصل الازمة اشتعالاً.
هل سينجح اوباما ومعسكره ام يخسرون الرهان؟
.. الايام ستخبرنا.
(الرأي 2015-09-14)