الإعلام الرّغائبي!!

تم نشره الأحد 20 أيلول / سبتمبر 2015 01:55 صباحاً
الإعلام الرّغائبي!!
خيري منصور

لو كان العرب بالفعل هم الأدرى بشعاب تضاريسهم لكانوا أجدر من سواهم بفهم ما تعنيه عبارة رحم الله امرءاً عرف قدر نفسه، فالخيبات والصدمات منذ خمسينات القرن الماضي كان أحد أهم اسبابها الادعاء والمكابرة وبالتالي الاستخفاف بالأعداء، رغم أن ثقافة الفروسية العربية رسخت احدى قيمها حين كان العربي يشيد بقوة خصمه كي لا يبدو انتصاره عليه مجرد حرب دونكيشوتية، ان معرفة الذات أولاً هي شرط لمعرفة الآخر لأن فاقد الشيء لا يعطيه و من يجهل ذاته سيجهل حتماً كل ما هو خارجها! وقد ورث الاعلام العربي حمولة باهظة من تلك الحقبة ، وتفاقمت المسافة بين الرغبة والقدرة على تحقيقها، فليس كل ما تمناه الاعلام أدركه ، والعدو الذي قيل أن قدومه كان متوقعا من الشرق أو الشمال ثم جاء من الغرب أو الجنوب هو المعادل الموضوعي والميداني لِخَلل سايكولوجي في صميم الاعلام لأن صناعة التاريخ ليست رهانا على حصان أسود أو ورقة يانصيب، لهذا دفع الذين قالوا ما يسقط من السّماء تتلقاه الارض الثمن، فسقطت عليهم نيازك أحرقتهم وشردتهم! تلك الجرثومة التي تسللت الى الاعلام في الحرب الباردة، لم تنفع معها كل المضادات سواء كانت حيوية أو حتى نووّية لأنها وجدت حاضنة دافئة تستضيفها، واذا صح ما قاله أبو الطيب عن أهل العزم، فإن الهزائم لا العزائم هي ما يجب أن نتوقعه من اعلام نرجسي أوغل في استرضاء الذات وتملق العواطف. فالصدمة بابسط تعريفاتها هي نتيجة للافراط في التفاؤل والتوقعات ورفع السقوف، بما لا يتناغم على الاطلاق مع معطيات الواقع! والاعلام العربي تحول في فترة ما الى مُنتج لصناعة الصّدمات، لأنه حلق خارج جاذبية الواقع، وكذب على نفسه حتى صدّق. ولكي لا نضع العبء كله على الاعلام وهو من الظواهر العديدة التي أفرزتها ثقافة سائدة، فإن اتساع المسافة بين الرغبة والقدرة شمل حتى الحياة الاجتماعية، وما يسمى في علم النفس الاعتقاد الخاطىء أو الفكرة المتسلطة أنتشر بشكل وبائي، وتخطت عدواه غير الحميدة الحدود كلّها. وحين يكون التفكير انفعاليا ورغائبيا فهو يصيب ضحاياه بالعمى سواء كان سياسياً أو في أي ميدان آخر لأن الانسان عندئذ لا يرى غير ما يريد ولا يصغي الا لصدى صوته! فأية لقاحات علينا أن نحقن وعينا بها كي نشفى من هذه الإصابة المُزمنة؟؟

(الدستور 2015-09-20)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات