وطن رحيم

تركوا كل شيء خلفهم وغادروا يبحثون عن حلم جديد اسمه وطن رحيم، وكلهم ما عاد يهمهم ياسمين الشام ولا حدائق حلب، وبحر اللاذقية اضيق عليهم من خرم ابرة والموت غرقا في بحر ايجة ارحم طالما هو في سبيل امل عبور. وتتحول الحياة فجأة الى بحث عن طوق نجاة فيما شط الامان نفسه تحول الى نقطة حدود لتسجيل الناجين وليس هناك جداول للغرقى وان ناران الكردي اكد انه عميق كما البحر نفسه.
ولما تساءل شاعر عن وطن فيما اذا هو مبغى ثار عليه قوم ظنا انه بالامكان اخفاء الحقيقة، وتكشف ان الامر ممكن ولكن الى حين وحسب، وها هي الايام تفضح زيف لباسهم الحريري والمزركش وكذب النياشيين الذي كان يخفي قوادين طوال الوقت، والا كيف يمكن فهم انكسار الماخور كما الهيكل دون ان يكون هناك شمشوم وانما فقط طفل اسمه حمزة الخطيب.
غير ان الدنيا هي الدنيا ومهما تأخذ الايام وتجيب سيظل الغناء للشام على طول الايام، ومصطفى نصري كان صادقا وهو يغنيها والان بدلا منها البكاء عليها في كل الايام، وهي لن تكون طويلة بحال، فاهلها احباب وموعدها سحابة صيف وكرم يعتصر يعتق النغمات البيض ترشف نخبا للاجمل من قادم الايام فانتظروا وحسب.
وقد خسرنا بغداد يوما ولسوف تستعاد عاجلا او اجلا، ونخسر الان اكثر دمشق ولن تكون موسكو ارأف بحالها ولا طهران، وضاعت منا طرابلس ومثلها بنغازي في غفلة تحت يافطة ربيع تكشف انه سم قاتل، والقاهرة على قهر ولم تعد تعز احدا وباتت مرتعا للتحرش بانواعه كافة، وبيروت على قلق ولم تعد عروسا للبحر وقد ترملت من قبل حيفا، وها هي القدس امام الناظرين تغتصب واستراق السمع على اصوات اغتصابها مستمر وليس على الجميع سوى الخشية على الرياض واخواتها او تلاوة قصة الثيران الثلاثة عليهم علهم يفيقون من غفوتهم.
(السبيل 2015-09-21 )