حجر ورصاصة

سياسة حكومة الإرهابي بنيامين نيتنياهو ضد الشعب الفلسطيني، وما تقوم به قوات احتلاله من ممارسات تعسفية، وإطلاق النار على كل من يحمل حجرا أو يتصدى لقطعان مستوطنيه، وهي تقتحم حرمة المسجد الأقصى، من شأنها وضع ما يطلق عليها دول الاعتدال في المنطقة في مواقف محرجة.
فاليوم، اسرائيل تقتل بدم بارد، تذبح، تحرق تعتدي على الاطفال والشيوخ والمقدسات والنساء المرابطات، وتنتهك حرمة القبلة الاولى يوميا، وهذا من شأنه ان لا يبقي الامور كما كانت سابقا، فكل ما فعلته اسرائيل وتفعله سيقابله رفض شعبي فلسطيني، والذي تفاعل مع ما يحصل، وقد اختلفت ردود فعله بين مسيرات رافضة، ومرابطة في الحرم القدسي، واستخدام الحجر في وجه الرصاصة الصهيونية، وغيرها من أدوات التعبير الرافضة.
ردة الفعل العربية المتوقعة لم نلمسها حتى اليوم، فيما بدأنا مؤخرا نلمس تصريحات أردنية، أكثر حدة في لهجتها، ضد ما تقوم به اسرائيل في فلسطين، والقدس على وجه التخصيص، من ممارسات تدفع المنطقة دفعا تجاه التصعيد والتوتر.
الحراك الفلسطيني والتصعيد السياسي والخطابي الأردني، الذي قد تنتج عنه لاحقا خطوات ملموسة، بحاجة لتحرك عربي، تجاه القضية الفلسطينية وإعادة وضع القضية على سلم أولويات العرب، واتخاذ موقف عربي موحد ضد إسرائيل، كما سبق للجامعة العربية أن اتخذت مواقف ضد بعض مؤسسيها.
لم يعد من داع للحديث عما يعرف بمبادرة السلام العربية، الميتة منذ ولادتها، كما لم يعد هناك داع للكلام عن سلام متوقع مع الكيان الصهيوني، لاسيما أن كل ممارساته الرافضة لهذا السلام واضحة، وبالتالي فإن التحرك العربي يتوجب أن يكون على منوال تحرك الجامعة العربية، عندما طلبت تدخلا أمميا في ليبيا، واستحضرت قوى العالم لقتل الشعب الليبي، فلم لا تطلب هذه الجامعة من العالم التدخل عسكريا ضد اسرائيل مثلا، وإجبارها على تنفيذ الشرعية الدولية؟! أم أن جامعتنا العربية لسانها طويل، عندما يتعلق الأمر بدولة عربية، وقصير حد الخرس، عندما يكون الموضوع متعلقا بالكيان الصهيوني الفاشي.
وهل الشرعية الدولية، والبند السابع، ينطبقان فقط على دولنا العربية، ولا ينطبقان على اسرائيل؟ وقبل أن يقول قائل إن اميركا ستستخدم "الفيتو"، نقول صحيح، دعوها تستخدم "الفيتو"، وليكن لكم شرف المحاولة مرة ومرتين وألف مرة، دعوها تستخدم "الفيتو"، حتى تكتشفوا أن أميركا راعية الإرهاب في المنطقة، وهي التي رعت اسرائيل الإرهابية، لأكثر من 67 عاما، وترعى إرهاب "داعش" و"النصرة" وشقيقاتها في الوقت الحالي، وخير دليل على رعايتها للإرهاب الكذبة التي كانت تمارسها على العالم، بإعلانها الحرب على الإرهاب، وقد كشف الروس سريعا كذبتها للعالم أجمع، عندما أثبتوا أن تدخلا لمدة 6 أيام في سورية، كان أشد وطاة على قوى الظلام من تدخل أميركي، بمشاركة 30 دولة، لمدة عام، وبضعة أشهر.
ما حصل خلال الأسبوع الفائت، كشف الوجه القبيح لأميركا، وأنها لم تقاتل الإرهاب خلال العام الماضي، وإنما كانت ترعاه برا وجوا، وكشف أن اميركا، إنما تريد إدامة صراعات المنطقة حتى لا يبقى أي ذكر لربيبتها اسرائيل في الخطاب العربي الرسمي والشعبي، وهو ما حصلت عليه خلال الفترة الماضية.
حملة القتل المسعورة، التي يقوم بها قطعان الجيش الصهيوني، والتنكيل والتهديدات التي تخرج يوميا من قيادات الصهاينة، ضد شعب أعزل، وانحياز اميركا المطلق لهذا العدو، من الطبيعي والبديهي أن يخلق ردود فعل، وأدوات تعبير مختلفة الأشكال والأنواع، وهذا من شأنه أن يعيد الاعتبار لقضية، بات لزاما على المجتمع الدولي أن يفرض إرادته لحلها، وإعادة الحقوق لأصحابها، وأول تلك الحقوق، حق العودة الذي لا تنازل عنه.
في فلسطين الكفّ يناطح مخرزا، والحجر يناطح رصاصة، وطوال سنوات استطاع الحجر أن يقول قولته، وأن يثبت للعالم، ان هناك شعبا يريد استعادة دولته، وأن هناك علما في الأمم المتحدة بحاجة لدولة مستقلة له، فهل يفقهون؟!
(الغد 2015-10-07)