لبنان: هل تتعطّل لغة.. «الكلام»؟

تم نشره الثلاثاء 20 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:35 صباحاً
لبنان: هل تتعطّل لغة.. «الكلام»؟
محمد خروب

يؤشر التراشق الإعلامي الحاد والضرب «المؤلم» تحت الحزام، بين تيار المستقبل وحزب الله، إلى احتمال دخول لبنان مرحلة تسخين ومواجهات قد تتحول الى ما هو أبعد من مجرد اطلاق تصريحات أو تهديد بالطلاق البائن، الذي لن تكون تداعياته وأكلافه بسيطة، بعد أن دخل لبنان في مرحلة «الغيبوبة» أو اقترب منها، سواء في ما خصّ تواصل شغور منصب رئيس الجمهورية منذ أكثر من (520) يوماً واستبعاد انتخاب رئيس في المديين القريب والمتوسط، لارتباط هذا الاستحقاق بما يجري في سوريا وغياب أي أفق للتوافق الداخلي على انتخاب رئيس بعد أن تمترس فريقا 8 و14 آذار في خندقين متقابلين مُشهِرين سلاح التعطيل والاصرار على مرشحهم (فريق 14 آذار يدعم سمير جعجع فيما الفريق الآخر يدعم الجنرال ميشال عون).. أم في تعطيل مجلس النواب الذي لا يتمكن من الاجتماع إن لجهة تمرير جلسة تشريعية عادية أم لجهة تأمين نصاب لانتخاب رئيس الجمهورية (ثلثي أعضاء المجلس المكوّن من 128 نائباً)، الأمر الذي تواصل فيه تأجيل جلسة الانتخاب لآجال طويلة مرشحة لمزيد من التأجيل.دون إهمال المغزى الذي ينطوي عليه الشلل الذي هي عليه حكومة تمام سلام الايلة للسقوط في اي لحظة.

فما الذي حدث إذاً؟

هي تراكمات وقلوب ملآنة وتربص دائم، محمول على قلق من التطورات المتسارعة على الجبهة السورية وارتفاع منسوب المخاوف لدى فريق 14 آذار وبخاصة تيار المستقبل, الذي بدأ معسكر الصقور فيه يدرك أن الأمور تجري في غير صالحه وأن الطرف الآخر وخصوصاً حزب الله العضو الفاعل أو الرقم المهم في التحالف الإقليمي (الميدانية) بدأ «يحصد» نتائج انخراطه في الأزمة السورية وما تكرِّسه عاصفة «السوخوي» من حقائق ميدانية على الأرض، ناهيك عن الارتباك الواضح في خطوات وقرارات ومواقف التحالف الغربي، الذي ظن فريق 14 آذار، أنه قادر على قلب الطاولة على الحلف الرباعي الجديد (سوريا، روسيا، طهران والعراق)، مضافاً إليهم حزب الله، لكن وقائع الأسابيع الثلاثة التي تلت الانخراط الروسي المباشر في الأزمة السورية (منذ 30 أيلول الماضي) كشفت تردّد ومفاجأة عواصم الغرب من الخطوة الروسية الدراماتيكية التي لم تتح لها - أقله حتى الآن - فرصة بلورة موقف موحد وحازم، إزاء قرار الرئيس الروسي بوتين، «نسف» المشهد الإقليمي الذي حاولت دول الغرب مدعومة ببعض العواصم العربية والإقليمية، فرضه على اللاعبين الإقليميين والدوليين، ما استدعى من سيد الكرملين رفض قواعد اللعبة المتغطرسة تلك والدعوة إلى التعامل مع قواعد جديدة للعبة امبريالية قديمة معروفة لم تعد قابلة للتداول أو الاستمرار.

إلى أين من هنا؟

كان الطرفان الأكثر حضوراً وتأثيراً في المشهد اللبناني (تيار المستقبل وحزب الله) قد توافقا (قبل عام تقريباً) على البدء بحوار ثنائي وبرعاية من رئيس مجلس النواب نبيه بري، بهدف منع تدهور الأمور ووصولها الى نقطة اللاعودة، بعد أن بلغت عملية الشحن الطائفي والمذهبي في لبنان ذروتها وجاءت عمليات التفجيرات والاغتيالات ودخول تيار المستقبل على خط الأزمة السورية تحت رايات مذهبية وطائفية ودعم مكشوف ومرصود لمنظمات إرهابية سورية فقط لانها سُنيّة أو على الأقل لأنها ضد النظام السوري, ثم لاحقا في قتال حزب الله الى جانب النظام كي تُظهر للجميع انهم يقفون على حافة الهاوية، وأن خطوة غير محسوبة او دعسة ناقصة يمكن أن تأتي على الاخضر واليابس في لبنان، ستكون الحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان عام 1975 وانتهت في العام 1989 باتفاق الطائف، مجرد نزهة مقارنة بالجحيم والفوضى غير المسبوقة التي تنتظر لبنان.. ما سرّع في زيادة منسوب «التعقل» ولو التظاهري والكلامي، لدى قادة الأطراف كافة واللجوء إلى ما يمكن وصفه بـ»ربط نزاع» في محاولة لشراء الوقت وانتظار التطورات الميدانية والإقليمية وبخاصة مآلات الأزمة السورية المتمادية.

ولأن لبنان كان وما يزال هو «المختبر الإقليمي» الذي لا يتخلى «الفاعلون» الإقليميون والدوليون عن استخدام وإطلاق بالونات الاختبار فوق أرضه وتحت سماواته، فإنّ خروج احد قادة المستقبل وعضو وفده المفاوض مع حزب الله، نهاد المشنوق، على اللبنانيين مُهدِّدا بالخروج من الحوار والحكومة قد شكّل مفاجأة للجميع، ما أثار رداً «عنيفاً» من حزب الله على لسان أمينه العام الذي رفض «الابتزاز والمِنّة» وقال: إنه سيطلب من قيادة الحزب مناقشة الأمر واتخاذ القرار المناسب في هذا الاتجاه.

الأوضاع سائرة إلى التصعيد ما لم يتم ضبط الاندفاعة الأخيرة، التي لم تكشف أسبابها بعد، وان كان البعض يربطها بالأزمة التنظيمية والمالية والشعبية التي يمر بها تيار المستقبل ناهيك عن مفاعيل الحِراك الشعبي المتواصل منذ «طفت» ازمة النفايات على سطح الاحداث في ما يوصف لبنانياً بـ»النظام القوي والدولة التافهة»، إلاّ أن استبعاد العامل الإقليمي، سيكون خطأ وبخاصة أن الحديث يدور عن لبنان وفي لبنان وعليه... أيضاً.

(الرأي 2015-10-20)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات