الأسد في موسكو، وأنقرة «تَسْتَمْهِلْهُ».. ستة أشهر!

تم نشره الخميس 22nd تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:20 صباحاً
الأسد في موسكو، وأنقرة «تَسْتَمْهِلْهُ».. ستة أشهر!
محمد خروب

مفاجأتان من العيار الثقيل جداً، حملتهما الساعات الاخيرة من يوم الثلاثاء الماضي، جاءتا على نحو غير مسبوق، في توقيتهما ودلالاتهما وما تنطوي عليهما الرسائل التي ارادت الاطراف «الثلاثة» بثها في الاتجاهات التي تعلم مُسبقاً انها معنية بها، في خضم الحرب الضارية الدائرة الآن على الاراضي السورية، والتي ستُقرر مستقبل المنطقة لسنوات طويلة وتُسهم -ضمن امور اخرى- في بلورة نظام عالمي جديد، لم يعد احد يشك بأنه سيكون متعدد الأٌقطاب، بعد ان أُنْزِلَتْ الولايات المتحدة الاميركية على المقعد المنفرد الذي احتكرته طوال ربع القرن الذي انقضى على انتهاء الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفياتي واندثار حلف وارسو..

لم يذهب الرئيس السوري بشار الأسد الى موسكو للنزهة او تزجية للوقت، فهو لم يغادر بلاده طوال الأزمة التي عصفت بها منذ 55 شهرا، ولهذا جاءت «زيارة العمل» التي قام بها بدعوة من الرئيس الروسي، اشارة واضحة على ان الحلف القائم بين دمشق وموسكو، ما يزال فاعلاً ومستمراً ومرشحاً لمزيد من التماسك وتحقيق الاهداف التي وُضِعَت له وبخاصة بعد 30 أيلول الماضي بما هو اليوم الذي بدأ فيه سلاح الجو الروسي عملياته ضد جماعات الارهاب (لا تنسوا بالطبع دلالات ومعاني ضربات الصواريخ الباليستية التي قامت بها سفن حربية روسية من بحر قزوين ضد اهداف ارهابية على الأراضي السورية، مروراً بالأجواء الايرانية والعراقية، وهذا تطور لافت اقلق واشنطن وحلف شمال الاطلسي في وقته وجديته، وخصوصاً ما ارادت موسكو إفهامه لواشنطن وصقور الناتو)..

ما علينا..

كان بمقدور الحقائب الدبلوماسية والرسائل المكتومة بين دمشق وموسكو، ان تكون بديلاً عن رحلة سرِّية محفوفة بالمخاطر (رغم كل الحذر والاحتياطات التي قاما بها على اكثر من صعيد بالطبع) الاّ ان الهدف السياسي والاعلامي كان «أثمن» من ان يتم اضاعته في توقيت حساس كهذا، بعد ان أخذت ردود الفعل على الانخراط الروسي الميداني المباشر في الأزمة السورية، بُعداً خطيراً ومُقلِقاً، إن لجهة التشدد التي ابدته عواصم اقليمية ( ودولية وإن كانت الاخيرة بحذر وخبث) في التصريح وليس فقط التلميح بأن التدخل الروسي خطير وأن موسكو لم تتعلم دروس افغانستان وغيرها من المصطلحات والعبارات التي تكاد في معانيها تلتقي عند توجيه «انذار» لروسيا، كي تتوقف وتنسحب وهو أمر مستحيل كان على هؤلاء ادراكه مُبكراً، لأن الكرملين لم يَخْطُ خطوة كهذه بدون دراسة مُعمّقة وحذِرة وواقعية، ولم يكن القرار مزاجياً او نزوة او شداً على الشوارب وتمسيد اللحى على النحو الذي يتم فيه اتخاذ القرار في بلاد العرب، أم لجهة الاعلان المباشر بأن اسلحة متطورة كاسرة للتوازن او قل كاسرة للهيمنة الروسية في طريقها الى الثوار, بل هناك من زعم انها وصلت، ما يعني اعلان الحرب على موسكو «الحالية» وهي غير موسكو السوفياتية وغير المكبلة بالايديولوجيا والاعتبارات الشكلية على النحو الذي كانته في عهد بريجينيف ومكتبه السياسي ولجنته المركزية... المُتكلِستان.

زيارة «تاريخية» بكل ما في الكلمة من معنى، تصب في مجرى الصراع المحتدم الان والذي سيكون فيه منتصراً وخاسراً، اللهم إلاّ اذا تدارك داعمو الارهابيين الأمور، وتخلّوا عن شروطهم المُسبقة وبخاصة في دعوتهم الى تنحية الرئيس السوري ورفضهم (..) لأي دور ينهض به، وكأن سوريا عزبة لهم او ميدان تدريب لخيولهم، لكن المشهد البائس هذا، بدأ بالتغير بعد ان «تنازل» بعضهم وراح يتحدث عن «مُهَلٍ» يمكن بعدها للأسد ان يحزم حقائبه ويختار منفاه, وكانت آخر «نسخة» من دفتر الشروط هذا «تُرْكِيَّة» إذ «استمهلت» انقرة الاسد، نصف عام كي يغادر منصبه ويترك سوريا لـِ«اسيادها الجدد» من الثوار المعتدلين وحلفائهم من الدواعش وقاعدة بلاد الشام ومَنْ فتحت له العواصم الاقليمية تنظيماً او لواء او كتيبة، كي يكون «لها» دور لاحقاً على طاولة «استيلاد» سوريا «الجديدة».

قد لا يكون من المبالغة القول، أن معركة جديدة قد اندلعت الان، بعد ان اذاعت موسكو خبر القمة التي جمعت بوتين والأسد، ونشرت بالصوت والصورة ما تم تبادله من احاديث مخصصة لوسائل الاعلام قبل الدخول الى الغرف المغلقة، ما يعني أيضاً أن ردود الفعل على هذا التطور لن تتأخر، كما ان عاصفة التحليلات والتوقعات سَتَهُبْ وبخاصة من قبل اولئك الذين «حسموا» امورهم، ووعدوا السوريين بأن «الأسد» قد بات من الماضي، فيما «الميادين» لم تقل كلمتها بعد، وهي وحدها التي ستُقرِّر الاتجاهات وتكشف عن الحجوم والاوزان، وتضع الجميع -وخصوصاً شعوب المنطقة- أمام حقائق جديدة، اراد البعض الطمس عليها منذ اذار 2011 لكنه لم ولن يحصد سوى الفشل والخيبة.

.. الأيام ستقول.

(الرأي 2015-10-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات