حياد.. انتظار.. واستدارة!

تم نشره الخميس 22nd تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:19 صباحاً
حياد.. انتظار.. واستدارة!
محمد أبو رمان

يعرّف فريق من المحللين الموقف الرسمي الأردني من التدخل الروسي في سورية، بأنّه أقرب إلى "الحياد الإيجابي"؛ ما يشي بوجود استحسان سياسي، غير معلن، للتدخل العسكري الروسي، مع أنّ الأردن لم يقدّم أي موقف رسمي مؤيد أو معارض لهذا التدخل، على النقيض من حليفيه الأبرز، الولايات المتحدة والسعودية، إذ وقّعا على "البيان السباعي" الذي ينتقد ضمنياً الدور الروسي الجديد.

دعونا نحاول تقصي الخطوط العريضة التي قد تقف وراء هذا الموقف الأردني غير المعلن (أي "الحياد الإيجابي"):

- الروس يستهدفون الفصائل المعارضة في الشمال. وهي إن لم تكن "داعش" أو "القاعدة-النصرة"، فإنها تدور في فلكها في المنظور الأمني الأردني (مثل "أحرار الشام" وغيرها). فهذه المنظمات موضوعة على لائحة الإرهاب الأردنية، ولا يوجد ما يقلق من استهدافها.

- الروس أقرب من الإيرانيين، ويمكن التفاهم معهم بصورة أفضل حول المصالح الحيوية الأردنية. فالرؤية العميقة لمطبخ القرار في عمان لا تتناقض مع "الحل السياسي الروسي"، أي إنّ الأردن لا يرى أن ذهاب الأسد شرط مسبق للعملية الانتقالية، بل يمكن أن تبدأ به، ومع انتقال النظام نحو الشكل "البرلماني"، فإنه سيحدّ دستورياً ومرحلياً من سلطاته ويجعلها هامشية، ويدفعه شخصياً إلى عدم التفكير في خوض الانتخابات مرّة أخرى!

- التدخل الروسي سينتهي، عاجلاً أم آجلاً، بحلّ سياسي ودبلوماسي، بعد تعديل موازين القوى، لكنّه سيساعد على تجاوز القلق من اصطباغ الصراع الحالي بالبعد المذهبي السُنّي-الشيعي.

لكنّ أطرافاً أخرى -على صعيد التحليل السياسي- تتجاوز هذا التعريف (أي "الحياد الإيجابي") إلى درجة أعلى نسبياً، بوصف الموقف الأردني بـ"الاستدارة الذكية" غير المعلنة، الجزئية، وذلك عبر رسائل بروتوكولية ذهبت للنظام السوري من جهة، وتوقف "الرعاية الرسمية" أو الدعم اللوجستي لـ"الجبهة الجنوبية" التي يمتلك الأردن مفاتيح أساسية في التأثير عليها، من جهة أخرى.

سواء كان الموقف حياداً إيجابياً أم استدارة، فإنّه يستبطن فرضية أخرى، هي أنّ الأردن في طور التريّث والترقّب لما ستؤول إليه نتائج التدخل الروسي، والذي سيؤدي حتماً إلى تغيير قواعد اللعبة في سورية. لذلك، من الأفضل الالتزام بالهدوء والحياد والانتظار إلى حين وضوح الصورة بدرجة أكبر؛ أي: ماذا ينوي الروس؟ وما هي حدود التدخّل الروسي؟

"مطبخ قرارنا" مع الحل السياسي الدبلوماسي منذ البداية، ويتخوّف من سقوط نظام الأسد ومن اليوم التالي لذلك. ومن ثم، هو مع المرحلة الانتقالية، بل كان الملك في لقاءات عديدة، منذ أعوام، يؤكّد على أهمية الدور الروسي وضرورته في أيّ حل قادم في سورية. وفوق هذا وذاك، يمتلك الملك علاقات ودية شخصية جيدة مع الرئيس بوتين.

هذه الاعتبارات تدفع الأردن إلى الحدّ من مخاوفه وهواجسه تجاه المساحة الأكثر أهمية في مصالحه الحيوية تجاه سورية، والمقصود المنطقة الجنوبية؛ إذ يميل فريق من السياسيين إلى أنّ التدخل الروسي جغرافياً يركز على المناطق الأخرى؛ الساحل فالوسط، ثم الشمال، لذلك لا توجد أخطار على المنطقة الجنوبية.

بالرغم من ذلك، فإنّ هذه القناعة ليست عميقة. فما يزال هناك طرف آخر في الصراع، وهم الإيرانيون، يرون في مثلث الجنوب أهمية حيوية لهم ولحليفهم حزب الله، وكذلك الأمر للنظام السوري الذي يرغب في استعادة مساحة واسعة من الأراضي في الجنوب، لأهميتها الاستراتيجية لأمن دمشق والنظام، في حال استعاد المبادرة والتوازن.

الملحوظة الأخيرة، هي أنّ الموقف الأردني يكشف، مرّة أخرى، عن "تفكك" رؤية المعسكر المحافظ العربي؛ الأردن والإمارات ومصر من جهة، والسعودية من جهة أخرى التي أصبحت عملياً أقرب للأتراك والقطريين، لكنّها تبدو عالقة اليوم في ملفات شائكة!

(الغد 2015-10-22)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات