بين ما تريده إيران وما يريده الكيان الصهيوني

تم نشره الخميس 29 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:22 صباحاً
بين ما تريده إيران وما يريده الكيان الصهيوني
ياسر الزعاترة

لا حاجة لكثير من الفذلكة لفهم الأجندة الإسرائيلية في الساحة السورية، فهي تحددت منذ الأيام الأولى لعسكرة الثورة التي تمت بتخطيط من النظام وأسياده في طهران اعتقادا منهم بأن الحل الأمني بعد وصم الثورة بالإرهاب سيكون كفيلا بإجهاضها أفضل من المواجهة مع متظاهرين عزل في الشوارع. خلاصة تلك الرؤية هي إطالة أمد النزاع، وتحويل سوريا إلى ثقب أسود يستنزف جميع الخصوم والأعداء، بما في ذلك إيران وحزب الله، فضلا عن تركيا، والأهم جعل سوريا محطة لإجهاض ربيع العرب، إلى جانب تدمير البلد برمته، وكان أن انتزعت من خلال الصراع السلاح الكيماوي السوري، ثم أتبعته بالسلاح النووي الإيراني الذي لم يكن ليتم لولا النزيف الهائل الذي تعرضت له إيران في سوريا، بدليل أن ما قبلته طهران في 2015 كان معروضا عليها منذ 2010، وكان ترفضه. نجحت الإستراتيجية الإسرائيلية نجاحا باهرا، بخاصة بعد أن تمكنت من تحديد طريقة التعامل الأمريكي والغربي مع النزاع، والذي تلخص بالضغط على داعمي الثورة من أجل منع السلاح النوعي عن الثوار، والذي كان كفيلا لو حصلوا عليه بحسم المعركة في وقت قصير. وبمرور الوقت نزعوا السلاح الكيماوي السوري، ثم أتبعوه بالمشروع النووي الإيراني بلغ الاستنزاف بإيران مداه. اليوم يحصل الكيان الصهيوني على زعيم منهك، وبوصاية من الصديق الحميم روسيا، وبمرجعية إيرانية متصالحة مع الغرب، وليست في وارد فتح أي نزاع جديد؛ هي التي دفعت النووي من أجل تحسين وضعها بعد النزيف الكبير الذي تعرضت له في سوريا والعراق واليمن. ماذا عن الأجندة الإيرانية؟ الذي لا شك فيه أن البعد الأهم الذي يحرك الأجندة الإيرانية يتمثل في القناعة بأن خسارة سوريا، وبالطبع عبر خسارة بشار، إنما تعني أن مشروع التوسع الذي صرفت فيه عشرات المليارات، وربما أكثر من ذلك، سيغدو في مهب الريح، لأن سقوطه يعني تهديد النفوذ الإيراني في العراق ولبنان، وبالتالي فإن الأولوية التي لا يسبقها أي شيء تتمثل في الحفاظ على بشار، من أجل أن لا يسقط المشروع الذي تباهى محافظوها بإنجازه، لاسيما أنهم يدركون أن فشلا من هذا النوع، سيعني بداية النهاية لهم في الداخل الإيراني، وحيث يحتدم الصراع مع الإصلاحيين. هكذا يسفر المشروع المذهبي الإيراني عن نفسه، من دون أن تحجبه سحب الدخان التي تطلق يوميا عبر تصريحات عنترية، إذ تتحول إيران في العلن إلى دولة مذهب تعتبر نفسها وصية على أتباعه في كل مكان، وتعتبر أن العراق وسوريا ولبنان من مجالاتها الحيوية، بينما تجد لها أتباعا في الخليج، أما اليمن فستقاتل من أجل الإبقاء على موطئ قدم فيه، ما دام الحفاظ على الاحتلال الحوثي مستحيلا، فيما يعوّلون على نجاح فكرة المقايضة مع السعودية، وفق معادلة اليمن مقابل سوريا. هكذا يغدو الوضع العربي أمام مشروعين يستهدفانه بامتياز، المشروع الصهيوني الذي يريد التمدد عبر تسوية وتطبيع، حتى من دون دفع استحقاقات التسوية، مع وجود سلطة/دويلة تحت الاحتلال في حدود الجدار، وبين مشروع إيراني يريد الاحتفاظ بمكاسبه، ويلوِّح بنفوذه في عدد من الدول العربية غير تلك التي يهيمن عليها بشكل واضح. هذا هو المخطط، لكن النتيجة شيء آخر، فالصراع لا يبدو أنه سيضع أوزاره سريعا، والحل الذي يتحدثون عنه في سوريا لا يبدو قريبا، ولا حتى في العراق نفسه، ومن دون أن يكون هناك ما يرضي السوريين، ويرضي العرب السنة في العراق، فإن الدوامة ستستمر، ويبدو أنها ستستمر إلى اللحظة التي تدرك فيه إيران أن مشروعها عبثي، وأن عليها المجيء إلى تسوية أكثر منطقية مع دول الجوار العربي ومع تركيا. متى سيحدث ذلك؟ لا أحد يدري. والخلاصة أن تحقيق الحلم الإيراني بتثبيت مشروعها سيكون عبثيا، ولا مجال أمامها سوى القبول بتسوية مقبولة من الجميع. أما التدخل الروسي الذي يعوّلون عليه، فلن يغير الكثير في ظل فضيحة تفاهمه مع الكيان الصهيوني، ولن تكون نتيجته غير إطالة أمد النزيف أكثر فأكثر.

(الدستور 2015-10-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات