مؤتمر باريس وإنقاذ ماء الوجه

تم نشره الخميس 29 تشرين الأوّل / أكتوبر 2015 01:25 صباحاً
مؤتمر باريس وإنقاذ ماء الوجه
د. موسى شتيوي

عقد في باريس مؤتمر ما أصطلح على تسميته "المهتمون بالشأن السوري". وهو اسم قد يكون بديلاً عن المؤتمرات العديدة لـ"أصدقاء سورية"، والتي لم تتمخض عنها نتائج تذكر فيما يتعلق بالأزمة السورية. وانعقاد مؤتمر باريس يتزامن أو يسبق الاجتماع الروسي-الأميركي المزمع عقده في فيينا يوم الجمعة المقبل.

مؤتمر باريس يضم عدداً كبيراً من الدول المتفاوتة في علاقتها ودورها في الأزمة السورية. لكن أهمية المؤتمر لا تكمن في من سيحضره، وإنما في الدولة المضيفة، وهي فرنسا. فمنذ اندلاع الأزمة في سورية، أخذ الخطاب الرسمي الفرنسي منحى حاداً نحو النظام في سورية، وبخاصة نحو بشار الأسد، مطالبا برحيله ورافضا بقاءه في أي حل سلمي للأزمة السورية ولو في المرحلة الانتقالية.

فرنسا، كغيرها من الدول الأوروبية، صعدت كثيراً من خطابها نحو النظام السوري، لكنها فعلت القليل لتنفيذ وعودها وتهديداتها، إذ لم يتحوّل هذا الموقف الى سياسات لدعم المعارضة أو لإسقاط النظام في سورية، وأشبعت المعارضة وعوداً، وفي النهاية لم تفعل شيئاً لها، وكان دعمها للائتلاف السوري رمزياً أكثر منه حقيقياً.

الغريب في الأمر أن أهم الدول المؤثرة في سورية اليوم، وهما روسيا وإيران، غير مدعوتين للمؤتمر. والتفسير الوحيد لعدم دعوتهما هو شعور أوروبا، وبخاصة فرنسا، بالتهميش والعجز حيال التدخل الروسي في سورية، واستثناؤها من اللقاء الذي عقد في فيينا الأسبوع الماضي، والذي سيعقد مرة أخرى في المكان نفسه يوم الجمعة المقبل. الغيرة والتهميش هما ما يفسر لقاء باريس الذي سيكون مناسبة مهمة لالتقاط الصور.

مستقبل سورية يتم تحديده في مكان آخر ليس بعيداً عن باريس، وبالتحديد في فيينا. إذ ضم الاجتماع الأول كلاً من روسيا والولايات المتحدة وتركيا والسعودية، بينما في الأخبار أنه سيتم دعوة إيران أيضاً لاجتماع فيينا المقبل. هذا الاجتماع الذي يضم اللاعبين الدوليين والإقليميين الرئيسيين في الأزمة السورية، هو الذي سيحدد خريطة الطريق لإنهاء الأزمة السورية وليس اجتماع باريس.

دور أوروبا مهمش في جهود إيجاد حل للأزمة السورية الذي ارتضت أن يكون دورها هامشياً، ولكنها في النهاية، سوف تقبل بالذي ترضاه الولايات المتحدة، وهي بالتأكيد ستكون حاضرة في حفل الاتفاق حول سورية إذا ما تم انجازه لاحقاً في وقت ما.

بالطبع، من الصعب على أوروبا، وتحديداً فرنسا وبريطانيا، أن تشعر بأنها ليست على طاولة المفاوضات التي ستحدد معالم الطريق لإنهاء الأزمة السورية، ولاسيما بسبب تاريخ هاتين الدولتين الطويل مع المنطقة ومصالحهما الاستراتيجية. وهذا لا يعني أن أوروبا لم تعد مهمة في تحديد مسار السياسات في الشرق الأوسط، ولكن من الواضح أن أهميتها نسبية، في الأزمات التي تعصف بالشرق الأوسط، كالصراع العربي-الإسرائيلي، وأزمات ما بعد "الربيع العربي". لذلك لا بد لأوروبا من أن تغير من نظرتها لروسيا، والتخلي عن عقلية الحرب الباردة، والكف عن محاولة تحجيم دورها، ليس في المنطقة وإنما أيضاً في أوروبا. بعبارة أخرى، المطلوب من أوروبا أن تكون أكثر واقعية في سياستها في المنطقة، وأن توازن بين مصالحها الاقتصادية، ومبادئها، وقيمها التي تتحلى بها.

أما بالنسبة لمؤتمر باريس، فهو لا يعدو كونه إثباتاً للوجود، ولو على الأقل، إعلامياً، لأن قطار تسوية الأزمة السورية سينطلق من مكان آخر.

(الغد 2015-10-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات