التحرّش والقُمامة !!

تم نشره الإثنين 02nd تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 12:46 صباحاً
التحرّش والقُمامة !!
خيري منصور

الواقع العربي بكل ما يعجّ به من اعاصير خلعت الأبواب والنوافذ وكشفت المستور يتوارى الان خلف ظواهر من طراز التحرش بالنساء وأزمة القمامة ومعارك الفيسبوك التي طوّرت ثقافة النميمة . وهذه ليست المرة الاولى التي يُثار فيها مثل هذا الغبار والدخان كي يحجب المشهد، وسبق لمحترفي تهريب الواقع ان اصطنعوا قضايا تصرف الانتباه عما يجري من احداث ودماء ودموع . حدث ذلك في مطلع القرن الماضي عندما كان الوطن العربي مسجى على المائدة وحوله السكاكين، وتكرر مرارا، وكأن هذه الاستراتيجية لم تفقد صلاحيتها، فما الذي طرأ علينا ؟ او بمعنى أدق هل اتضح كل هذا القبح وتراكمت هذه القُمامة عندما سقطت الأقنعة ! لم يكن في ستينات القرن الماضي واحد بالمئة من عدد الجامعات والمعاهد التي ينافس عدد المولات ومحطات البنزين اليوم، ولم تكن ظواهر كالتحرش والنفايات تشغل الناس، رغم انهم كانوا اكثر تقدما مما هم الان، ولم يكن احد يتحدث عن التحرش رغم ان ملابس النساء كانت اكثر اثارة مما هي الان، وكنّ ايضا سافرات ويختلطن بالرجال في كل المجالات، اما الحراكات والمظاهرات فقد كانت مكرّسة للاستقلال وللقضية الفلسطينية واحلام الوحدة، لكن بعد عدة عقود من التقدم الى الوراء، وبعد ان دخلت التكنولوجيا في اكثر منجزاتها تعقيدا الى كل البيوت اصبحنا نتظاهر من اجل تحرير شوارعنا من الزبالة . والمفارقة الان هي ان النساء في فلسطين يتحرشن بالاحتلال بواسطة السكاكين والشباب يحرسوهن، ويبدو ان مصطلحات مثل التحرش والقمامة بحاجة الى اعادة تعريف، فالتحرش السياسي اصبح جنسيا والقمامة التاريخية التي تراكمت في أزمنة الانحطاط والتبعية اصبحت قشور فواكه وبقايا لحم وعظام وخضار وعلب فارغة . وهناك مشهدان مُتناقضان الان في العالم العربي فيما يتعلق بالقمامة، الأول شكوى من تراكمها وما سوف تنتجه من اوبئة بعد ان حلّ الشتاء ، ومشهد آخر لرجال ونساء واطفال ينتظرون هذا التراكم كي ينبشوه بحثا عن كسرة خبز يابسة او بقايا زيت في زجاجة تسللت اليها الحشرات . العالم كله الان يتحرش بنا سياسيا وعسكريا ويغتصبنا في بعض المواقع ونحن متفرغون للتحرش بنسائنا والعالم يبحث عن امكنة يدفن فيها نفاياته النووية ونحن لا نجد مكانا لدفن نفايات اجسادنا !!

(الدستور )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات