دانياه في الجنة

تم نشره الثلاثاء 03rd تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 12:41 صباحاً
دانياه في الجنة
د. ديمة طارق طهبوب

لقد كان وصف ابن القيم موحيا عندما سمى الجنة ببلاد الأفراح في كتابه «حادي الأرواح الى بلاد الأفراح»، فهو الموطن الوحيد الذي يتجلى فيه الفرح الحقيقي، فرح ليس فيه من فرح الدنيا الا الاسم، أما المضمون فسعادة خالصة لا ذاكرة فيها لألم ولا نصب.

وفي ترتيب رباني للمشهد يأذن الله أن يطلعنا كيف تكون الأفراح في الجنة، أفراح يبدأ غرسها والتحضير لها في الدنيا جبرا لقلوب المنتظرين ليكتمل حب وسعادة وهناء فوق الوصف والتخيل قرب عرش الرحمن حيث تطير أرواح الشهداء.

يأذن الله أن يطلعنا على هذا الترتيب الرباني الذي أجراه على يد البشر وألهمهم تنفيذه تثبيتا لنفوس المجاهدين وتربية للناظرين، لكل من يرى ويرتقب ويتساءل: كيف يصنع الشهداء وكيف يتربون؟ كيف تحتفظ الأمة بنفس الصبر والشكر والاقدام؟ كيف تتحول معاني الحياة كلها حتى نبضة القلب ومشروع الحب والزواج الى لبنات بناء ونصر وتحرير؟!

كنا ننظر أنه ليس كل الزيجات سواء وليس كل الأزواج سواء وهناك زيجات يكتب قبولها في السماء قبل أن يكتبه أهل الأرض ونستشهد بالعروة الوثقى التي امتدت بين محمد صلى الله عليه وسلم وعائشة الى الاخرة غير منفصمة ولا منقطعة، وها نحن نرى الأمر عيانا حاضرا نبيلا شامخا رافعا لكل صاحب همة في زمن الذلة والزلزلة.

نرى الأمر عيانا في خطبة الشهيد رائد جرادات الذي ثأر للشهيدة دانيا ارشيد فيزداد ايماننا ان الشهداء أحياء بل يرسلون لنا الرسائل اعلاما بفرحهم ودرجاتهم وسعادتهم ليزيلوا ما يكون قد علق في النفس من حسرة على انوثة جميلة ورجولة غامرة لم يقتنصها العدو، ولكنها واجهته مواجهة العين والتحدي مقدمة نفسها رخيصة في سبيل الله والوطن والشرف.

عندما ظننا ان قصص الحب والزواج والسعادة قد فقدت معناها واستنفذت حروفها وما عاد هناك سطر يكتب تأتي هذه القصة لتفتح فصلا جديدا ساطعا في تاريخ البشرية.. حروفه نورانية مكتوبة على عين المولى الذي اصطفى لها أسماء الخالدين في سجلاتها.

وكأني برائد جرادات في ليلة التنفيذ يستحضر قصة ذلك الشاب المصري الذي مر عليه الامام حسن البنا وهو يتفقد مواقع القتال في فلسطين، وقد بدا على الشاب أثر الصرامة والجدية فقال له مداعبا «ما اسمك؟ فقال الشاب: قيس، فسأله البنا: وأين ليلاك؟ (إشارة الى قصة الحبيبين قيس وليلى) فقال له الشاب المقبل على ساح المعركة الذي رأى بوابة الشهادة بوابة الحياة: ليلاي في الجنة».

ودانيا رائد كان تنتظره في الجنة بمهر غال لا يدفع إلا لمن رفع الله قدرها فما عادت حسابات بنات الدنيا تليق بها وما عاد وصف بنات الدنيا ينطبق عليها، فطرف اصبعها كفيل لو اطلعت علينا ان تضيء ما بين السموات والارض.

لقد قدم أهل الشهيدين رسالة عظيمة للأمة أن صاحب القضية مجبول بها في دقائقه قبل عظائم أموره، في فرحه وترحه، يزرع في دنياه ويكمل الله عنه حصاده.

أما العروسان فقد رفعتم السقف عاليا وأسعدتم القلوب مليا وقدمتم أحياء ومن بعد استشهادكم واننا لنرجو ان نشهد يوم اكتمال العرس وانتم ونحن على الارائك متكئون.

لقد صدق من قال «وللناس فيما يعشقون مذاهب»

وهذا مذهب السعادة والخلود الأعظم سطره رائد ودانيا وأهاليهم.

دانياك في الجنة يا رائد سعيدة بمهرك وقربك وقد بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما في موطن الخير والفرح.

(السبيل 2015-11-03)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات