في "التجميل" الاقتصادي الحكومي

تم نشره الثلاثاء 10 تشرين الثّاني / نوفمبر 2015 01:06 صباحاً
في "التجميل" الاقتصادي الحكومي
حسن احمد الشوبكي

تحاول حكومة د. عبدالله النسور تجميل أدائها الاقتصادي في أواخر عهدها. وقد تركزت تلك المحاولات في إخراج موازنة الدولة للعام المقبل وكأنها موازنة "تنموية"، مستندة إلى زيادة الإنفاق الرأسمالي الذي سيبلغ ملياري دينار، أكثر من ثلثه يتجه للوحدات الحكومية. وفي المقابل، أُسست الموازنة على افتراض سعر نفط بمقدار 60 دولارا للبرميل.

وفي صميم عمليات التجميل، يبدو الحديث عن المديونية ملتويا وغير دقيق. إذ يقول وزير المالية أمية طوقان (الذي غادر الحكومة أمس) إن هذا العام (2015) هو آخر عام لارتفاع الدين العام "لأن الحكومة تسد الدين عبر خطة مدروسة". وتستند الحكومة إلى أن خسائر شركة الكهرباء الوطنية ستنخفض إلى صفر في السنة المقبلة. غير أن الأهمية في كل ما ورد من تهيئة للرأي العام بخصوص الموازنة، هي أن الحكومة تبحث استرداد كلف إنتاج الكهرباء والمياه، وستعمل على مواصلة انسحابها التدريجي من الدعم. والأكثر أهمية أن لا رفع لأسعار الكهرباء في العام المقبل.

يتحدث رئيس الوزراء عن الانضباط في موازنة العام المقبل، ويقصد ضبط الإنفاق، وكذلك ضبط الدين العام "بشكل دقيق"، بالاستناد إلى أنه لو لم تكن هناك فوائد مقدرة للمديونية بنحو مليار دينار للعام المقبل، لكان هناك فائض في الموازنة.

بعيدا عن تجميل الحكومة للأرقام، فإن حكومة د. النسور التي أجرت تعديلا وزاريا أمس، تسببت في زيادة المديونية بنحو 5 مليارات دينار خلال السنوات الثلاث الماضية. وهي أعباء جديدة يتحملها المواطن الأردني، لأن السياسات الاقتصادية تستمر في الاستدانة بقصد توفير الأموال اللازمة للإنفاق الجاري المتعاظم في البلاد.

وهذه الزيادة في المديونية يقابلها نقص في قدرات تشغيل الأردنيين. فبينما كان الاقتصاد قادرا على توفير 72 ألف فرصة عمل سنويا في العام 2007، فإنه الآن لا يوفر إلا 38 ألف فرصة عمل فقط، بحسب الخبير الاقتصادي د. أحمد عوض. علاوة على أن معدلات البطالة في ازدياد، ومثلها مؤشرات الفقر وبؤره التي تتسع في معظم المحافظات والمدن الكبرى. وعندما نراجع المبالغ التي حصلت عليها هذه الحكومة في الأعوام الماضية؛ وهي 4 مليارات دولار من المنحة الخليجية ونحو ملياري دينار للاجئين السوريين، إضافة إلى منح أخرى من جهات مختلفة دولية وعربية، فإن الاستفادة من هذه المبالغ الكبيرة في تشغيل الأردنيين وإيجاد فرص أفضل لهم في الاقتصاد، كانت متدنية جدا، إلى درجة عدم الشعور بالفائدة بالمعنى الضيق؛ فلا الفقر تراجع، فيما اتسعت البطالة، واستمر الإنفاق الجاري، وتواصل تضخم المديونية إلى مستويات غير مسبوقة حتى تخطت حاجز 30 مليار دولار.

فالمليارات التي حصلت عليها حكومة د. النسور، ومثلها الثقة الدولية الواسعة التي يحظى بها الاقتصاد الاردني لدى مؤسسات تمويل كبرى، لم تستغل بشكل كبير، على العكس؛ حافظت الحكومة على تورم القطاع العام وزيادة نفقاته بمزيد من الاستدانة بين شهر وآخر لسداد كلفة النفقات العامة.

الأمور بخواتيمها. والاقتصاد الأردني يعاني من مديونية كبيرة، ومن أوضاع يئن تحتها مستهلك لا تعنيه في نهاية اليوم كل الكلمات المنمقة عن نجاحات اقتصادية غير واقعية، لم تطله شخصيا.

(الغد 2015-11-10)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات