الدولة تتجاهل عاهد العلاونة !
المدينة نيوز - عاهد علاونة مواطن أردني يعمل في مؤسسة عمال الموانئ في العقبة، دفع ثمناً غالياً جداً، فقط لمشاركته باعتصام عمالي في الثلاثين من تموز العام الماضي، تدخلت فيه قوات الدرك بقسوة، وكان نصيب عاهد الحظ الأوفر من الضرب والتعذيب و "الوقوع " من مركبة الشرطة، بعد أن فقد الوعي.
دفع عاهد، وما يزال، ثمناً باهظاً لهذا الاعتصام، فبقي في حالة غيبوية مدة أسبوعين، ثمّ معاناة مع المرض لمدة سبعة أشهر، وإلى الآن ما يزال يعاني من آثار شديدة للإصابة، أفقدته حاستي التذوق والشمّ، وهو غير قادر على مزاولة عمله إلى اليوم، إلاّ بصعوبة شديدة، مع معاناة مستمرة من آلام الكسر، التي ما تزال تمنعه من النوم، وتسبب له آلاماً دائمة ومستمرة.
وزير الداخلية قام بزيارة عاهد في المستشفى في شهر تموز من العام الماضي، متعهّداً أمام أهله بحماية حقوقه القانونية والمالية كافة.
على النقيض من ذلك، فإن عاهدا ما يزال يشعر بموقف سلبي تجاهه، ولم تصرف له إلاّ نسبة (65 %) من رواتبه خلال فترة الانقطاع، بينما لم تجد مشكلة عمال الموانئ حلولاً جذرية على الرغم من وعود المسؤولين.
قصة عاهد تختصر جزءاً كبيراً من أزمة المعادلة السياسية الداخلية بأبعادها المختلفة، سياسياً وقانونياً وإنسانياً، أو بعبارة أخرى تعكس المنظور المختل في علاقة الدولة بالمواطنين بصورة سافرة!
فهو "في أبسط التعريفات " مواطن أردني جرى الاعتداء عليه من دون وجه حق من قبل قوات الدرك، لمجرّد أنه مارس حقّاً أساسياً من حقوقه، تسببت له في معاناة إنسانية وصحية ما تزال قائمة إلى اليوم.
في الوضع الطبيعي- الإنساني، في أي دولة قانون تحترم مبدأ المواطنة في حدوده الدنيا، فإنّ حقوق عاهد علاونة تتمثل أولاً في محاكمة عادلة علنية لمن تسببوا له بهذه المعاناة الكبيرة، وثانياً بتعويض مالي كبير من الدولة يعطى لعاهد، مع اعتذار شديد، عن المعاناة التي حدثت له، وثالثاً إقالات لمسؤولين كبار ساهموا في هذه الأزمة بإدارة غير ناضجة، وأخيراً عودة كريمة محترمة له لعمله.
بالطبع لا يمكن أن نتوقع هذه المعاملة في بلادنا، لذلك لا شيء من ذلك حدث!
كيف نصل إلى مواطن يحترم دولته وسيادة القانون ويدافع بكل ما أوتي من قوة عن قيمها وأخلاقها، وعن المجتمع ويحارب الفساد والرشوة والترهل، ويؤمن بقُدسية العمل والوقت ويحترم وظيفته ودوره، إذا كانت الدولة تتعامل مع مواطن مثل عاهد، ليس له توجهات سياسية، بمثل هذه الطريقة الفظّة؟ّ!
المواطنة عقد اجتماعي مقدّس له شروطه وأصوله، وقوانينه، وإذا كنّا نتحدّث عن دولة ومواطنين، في القرن الواحد والعشرين، فإنّ ما حدث مع عاهد علاونة لا يحدث مع أي مواطن في دولة مؤسسات وقانون! ( محمد أبو رمان – الغد ) .