الجغرافيا الدّينية

تم نشره الأحد 13 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 12:53 صباحاً
الجغرافيا الدّينية
خيري منصور

ما أعنيه بالجغرافيا الدينية هو تضاريس الأديان تبعا للانتشار الديموغرافي على هذا الكوكب، فهي ايضا ذات خطوط طول وعرض، وقد بادر الى رسمها الغرب الرأسمالي وبالتحديد امريكا في نهايات الحرب الباردة، حين قدّمت تقارير عن العدو الجديد البديل للاتحاد السوفييتي والذي سيملأ الفراغ ويكون بمثابة قطب آخر وهو الاسلام، ومن هنا نشأ مصطلح الاسلامفوبيا، وجاءت احداث الحادي عشر من ايلول عام 2001 لتظهر على السطح ما كان طيّ الادراج . وهناك خرائط جرى تلوينها لكن بمقياس رسم آخر هذه المرة، بحيث ظهرت المناطق التي يعيش فيها مسلمون بلون خاص تماما كما ان الجبال كان يشار اليها باللون البني والبحار بالازرق والمناطق المزروعة بالاخضر، وهناك من حاولوا خلق تطابق يبين دائرتين بمركز واحد ومحيط واحد ايضا هي دائرة الارهاب ودائرة التواجد الاسلامي، لكن الواقع سرعان ما قدّم تكذيبا ونقضا لهذا الاوهام حين اتضح ان الارهاب لا جغرافيا له ولا تضاريس، لأنه كما يقال حتى بالنسبة لمن يعلنون الحرب عليه عابر للحدود والاديان والهويات، بحيث اصبحت له عولمة خاصة باطروحاته، لأنه يسعى الى التمدد حيث استطاع، ما دامت دولته المزعومة بلا حدود، وما يتحكم بها من حيث التمدد هو معيار القوة لدى الارهاب، والفراغ الذي تتيحه بلدان فاشلة او تم تفكيكها وحلّ جيشها . فاستراتيجية الارهاب هي البحث عن اية خاصرة رخوة، ثم تحويلها الى رافعة ايديولوجية وعسكرية للاستيلاء على ما بعدها . وقد يرى البعض ان مصطلح الجغرافيا الدينية ليس دقيقا، لأن الجغرافيا العربية على سبيل المثال ليست اسلامية تماما، ما دام هناك مكون مسيحي اصيل في مجتمعاتها، ولأن المسيحيين من صلب النسيج الحضاري والتاريخي للأمة، فهم لا يعيشون في جيتوهات او منعزلات كما هو الحال بالنسبة لليهود، الذين اعتبروا كل مكان في هذا العالم منفى باستثناء ارض الميعاد، كما انهم شطروا الجنس البشري الى نوعين الأول يهودي والاخر هو الجوييم او الاممي من غير اليهود . وحين نستخدم مصطلح الجغرافيا في سياقات ايديولوجية وثقافية فذلك لأنها ليست بمعزل عن التاريخ، بل هي التي طالما وجّهت بوصلة التاريخ، وهناك من يسمونها تاريخا اصابه التخثّر والتصلّب فتحول الى تضاريس !!

(الدستور 2015-12-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات