مشروع الباص "البطيء"!

فشلت أكثر من ست حكومات في تحويل مشروع الباص السريع إلى واقع ملموس، وخدمة يستفيد منها نحو 200 ألف مواطن أردني، هم في أمس الحاجة للحصول على مثل هذه الخدمة.
وبعيدا عن الحديث غير الواقعي لمسؤولين بشأن هذا المشروع، ثمة مطالب ملحة من جميع المواطنين بضرورة توفير شبكة نقل عام نظيفة وآمنة، تحتفظ بمواعيد دقيقة. وأقول للزميلة سهر العالول التي تنشط في حملة "نصل معا"، والتي تشخص واقع النقل في بلادنا وتبحث عن حلول معقولة، بأن حلمك وحلم كل الأردنيين بشبكة نقل "محترمة" يبدو صعب المنال. والكل شركاء في التعثر، واللجان الكثيرة التي شكلت من الحكومة والبرلمان انتهت على مدار السنوات الماضية للوصول إلى مربع الفشل.
يبدو أن مسؤولين ومخططين يعتقدون أن وجود 600 ألف رحلة نقل عام يوميا يستدعي الإبقاء على 500 باص كبير مهترئ، ونحو 350 باص كوستر غير آمنة في غالبيتها، وأكثر من 3200 سيارة نقل عمومي (سرفيس) لسكان العاصمة والقادمين إليها من المحافظات.
ورغم أن نسبة استخدام النقل العام في عمان أقل من 13 %، وهي من أكثر النسب العالمية انخفاضا، اذ تبلغ النسبة في هونغ كونغ، مثلا، 90 %، إلا أن مستفيدين من أصحاب باصات عاملة على خطوط غير منتظمة وبمواعيد غير معلومة، يعتقدون أن بقاء هذه الباصات يعني بقاء مصلحتهم. وعليه، فإن أي خطط لتصويب المسار في النقل العام لتحسين شروطه أمام الأردنيين ستجابه بمقاومة شرسة دفاعا عن المصلحة، ويأتي في ذيل المسألة أمر نوعية الخدمة المقدمة.
لا نعرف ما الذي حل بالقرض الفرنسي لمشروع الباص السريع، ولا نعرف أيضا كم عقدا تحتاج الدولة ولجانها للإفراج عن هذا المشروع، الذي سبقتنا إليه 120 دولة قامت بتطبيقه بسرعة، بينما تعثر لدينا في دهاليز بيروقراطية ومصلحية ضيقة جدا.
وبعيداً عن كل التصريحات، فالثابت الوحيد حتى اللحظة هو أن الحكومات المتعاقبة فشلت بشكل مفتوح في التأسيس لشبكة نقل عام تليق بالأردنيين، وتجعلهم يحظون بخدمة راقية درجت عليها دول عديدة تحترم الإنسان.
(الغد 2015-12-15)