فلسطين وسؤال الأولويات

تم نشره السبت 26 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 02:19 صباحاً
فلسطين وسؤال الأولويات
د . ناجي صادق شراب

هل ما زالت القضية الفلسطينية قضية أولوية عربية؟ وقضية شرعية دولية؟ والقضية الأساس لكافة القضايا التي تعاني منها المنطقة؟ أو كما يقال القضية المفتاح لحل القضايا الإقليمية والدولية؟
الإجابة عن هذه التساؤلات تتطلب التعرف بداية على ماهية القضية الفلسطينية. فالقضية الفلسطينية ليست مجرد نزاع أو صراع بين طرفين، أو مجرد نزاع حدود، بل هي قضية ممتدة مركبة، مكوناتها وعناصرها تتجاوز حدود طرفي الصراع، بل تتجاوز الحدود الإقليمية، لتشمل الحدود الدولية، ولذلك ارتبطت القضية الفلسطينية منذ نشأتها بالتحولات الإقليمية والدولية.
وليس مستغرباً أن ترتبط بنشأة كل من النظام الإقليمي العربي والنظام الدولي ذاته، وبالتحولات في هيكلية القوة في كلا النظامين، وبالتطورات السياسية اللاحقة التي صاحبت كلا النظامين وصولاً للمرحلة الحالية التي جاءت كمخاض لثورة التحولات العربية.
هذا الارتباط هو الذي يفسر لنا التعقيدات المصاحبة للقضية، وعدم قدرة الأطراف المتحكمة في القرار الإقليمي والدولي على فرض تسوية عادلة ونهائية للقضية، وهو ما قد يذهب بعيداً في التحليل باستمرار الصراع قائماً طالما أن علاقات القوة غير متوازنة ومتكافئة بين القوة الإقليمية والقوة الدولية وطغيان الأخيرة على القرار الإقليمي.

ولعل ما تتفرد به هذه القضية أن «إسرائيل» وهي الطرف الرئيسي في هذا الصراع ترتبط بالقوى الدولية خصوصاً الولايات المتحدة التي تسخر قوتها العالمية في دعمها وحمايتها وضمان بقائها، والطرف الفلسطيني يرتبط ببعديه العربي والإسلامي. كما أن هذا الصراع يرتبط بالبعد الإيديولوجي الصهيوني الذي تمثله «إسرائيل» والذي يقوم على فكرة «إسرائيل» الكبرى، أي بما يتجاوز أرض فلسطين وصولاً إلى مصر والعراق، كذلك فإن فكرة القومية العربية التي تقوم على فكرة توحد العرب وفي القلب منها فلسطين، ما يجعل استحالة التلاقي بين فكرتين متعارضتين بالمطلق، فكرة تقوم على التوسع والاحتلال والعنصرية وفكرة تقوم على التوحد.
إذن نحن أمام قضية فريدة في مكوناتها ومحدداتها وبيئتها. وحلها مرهون بالتوافق بين القوى اٌلإقليمية والدولية، وهو أمر مستبعد في مرحلة التحول، وإعادة صياغة ورسم الخريطة السياسية الجديدة للمنطقة؛ لأن مخرجات هذه الخريطة ستكون تصفية القضية الفلسطينية تحت أي شكل من أشكال التسوية التي تعمل لصالح استمرار «إسرائيل» عدوانية عنصرية ولذلك أولوية القضية الفلسطينية ارتبطت تاريخياً بهذه التحولات والتطورات السياسية على المستويين الإقليمي والدولي. فتاريخياً احتلت القضية الفلسطينية مكانة محورية في الخطاب السياسي الرسمي للنظام العربي، وعلى المستوى الجمعي للشعوب العربية باعتبارها قضية العرب الأولى، وعلى اعتبار أن الخطر الذي تمثله الحركة الصهيونية يشكل خطراً على جميع الدول العربية، لأن مستقبل العديد من أنظمة الحكم العربية كان مرهوناً بالتمسك بالقضية الفلسطينية التي غطت على أي أولوية أخرى.
لقد كان المشروع القومي العربي يقوم على أساس أن القضية الفلسطينية تشكل دعامته الأولى والأساسية، لكن هذا المشروع تراجع وتراجعت معه أولوية القضية الفلسطينية، حيث بدأت تبرز التوجهات القطرية والجهوية والعشائرية، كما طال العجز الجامعة العربية كإطار إقليمي ناظم للعلاقات العربية والقضايا التي تهم الأمة، وبدأ الجدل حول مفهوم العدو المشترك، وهل «إسرائيل» ما زالت تشكل هذا العدو.

وفي السياق نفسه لا يمكن تجاهل الدور «الإسرائيلي» في العمل على تفريغ القضية الفلسطينية من موقعها المتقدم إقليمياً ودولياً مستفيدة من تداعيات ما يسمى «الربيع العربي» وتنامى دور الحركات الإرهابية المتطرفة.
هذا التراجع له تداعياته السلبية على مسار القضية الفلسطينية وما آلت إليه من محاولات التصفية والتقزيم والاختزال. ويبقى السؤال كيف يمكن للفلسطينيين أن يعيدوا قضية فلسطين إلى موقعها الأول؟

(المصدر: الخليج 2015-12-26)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات