"نخب" تهريب النصاب

تم نشره الثلاثاء 29 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 12:53 صباحاً
"نخب" تهريب النصاب
حسن احمد الشوبكي

لا يليق بالمؤسسات الدستورية أن تتعامل باستخفاف مع قضايا الوطن الكبرى، وفي مقدمتها الهم الاقتصادي. وإن كان مجلس النواب، ومن ورائه الحكومة، قد استسهلا في السابق تهريب النصاب تحت القبة بنية التهرب من عقد جلسات ذات مضامين كبيرة، فإن خطر المديونية وتورمها يتطلبان جلسات وجلسات، لا أن يتهرب أولو الأمر من استحقاق مناقشة ما وصلنا إليه.

مديونية تورمت إلى 24.7 مليار دينار، وبما يقارب 35 مليار دولار حتى نهاية هذا العام. ونسبة تصاعد حجم المديونية في عهد حكومة د. عبدالله النسور تتجاوز

40 % بين رقم المديونية في 2012، والبالغ 17.6 مليار دينار، ورقمها اليوم. ومن اللافت أن خطر الديون الخارجية قد تضاعف خلال سنوات هذه الحكومة.

الارتفاعات والنسب المقلقة الآنفة ليست محل اهتمام فيما يبدو بالنسبة للنخبة التي تقود السياسة والاقتصاد في البلاد! المهم أن ينأى النواب بأنفسهم عن مواجهة مكلفة مع الحكومة، وفي الوقت ذاته تفكر الحكومة بتجنب هكذا مواجهة قد تصل إلى التهديد برحيلها، بعد أن تشتد ملامح الانتقاد والتشكيك بالسياسة الاقتصادية.

تهريب النصاب مسألة في غاية السهولة، فلا يوجد ما يؤرق الضمير! إذ البلد في رفاه كبير، والمواطنون لا يعرفون أين ينفقون ما تبقى لديهم من مدخرات قبيل نهاية العام. فوفرة المال تطغى على كل ما حولها، ولا مشكلات اقتصادية على الإطلاق!

أن تصل المديونية إلى 91 % من الناتج المحلي الإجمالي لا يعني الكثير! وأن تستمر الحكومة ومن ورائها الدولة كلها بالارتهان لشروط مؤسسات التمويل الدولية، ليس تشوها! وبين هذا وذاك ثمة حدود أغلقت، ونشاطات اقتصادية عطلت بالكامل كالنقل والتصدير، وأوضاع معيشية تزداد تعقيدا بالنسبة للمزارعين، ومثلها قدرات أرباب الأسر على التكيف مع الحالة الراهنة بكل ما فيها من تحديات.

لا داعي للكتيب الخاص الذي أعده رئيس الوزراء للدفاع عن سياسة حكومته الاقتصادية أمام مجلس النواب، فالمجلس لا يعنيه هذا الكتيب وتلك المرافعة، ولتفعل الحكومة ما تشاء، إذ ليس ثمة من يسائلها إذا فعلت بالشعب ما يستحق المساءلة والرقابة، وسواء ارتفعت المديونية 40 % أم 140 %، فإن الأمر تحت السيطرة، ولا داعي لمناقشة كل هذا القلق، والسلاح الأنجع هو الهروب.

وفي موازاة هذا العجز كله، تبدو مطالبات النواب برفع الحد الأدنى للأجور ذرا للرماد في العيون. فدورهم ليس المطالبة والمناشدة، وإنما الغوض في عمق السياسات الاقتصادية وتقديم الأفضل منها، كي تسهم في تحسين مستوى المعيشة، لا الهروب من مناقشة تلك السياسات والاكتفاء بمذكرة موقعة لرفع الحد الأدنى للأجور كجائزة يقدمها البرلمان للشعب في موسم الأعياد بنهاية السنة!

لا يوجد ما يدعو للتفاؤل مع هكذا إيقاع. ولا أعلم على من تقع مسؤولية مناقشة المديونية والسياسات الاقتصادية والمالية في ظل هذا الهروب المخجل؟!

(الغد 2015-12-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات