سقوط اسعار النفط .. من وراءه؟!

تتهاوى اسعار النفط بصورة سريعة ودون قدرة لمنظمة اوبك على وقفه , فالسعودية بدل ان تلتزم بحصتها زادت الانتاج بمليوني برميل يوميآ , وايران التي تحتفل برفع العقوبات عنها زادت الانتاج بنصف مليون , فالفائض اغرق الاسواق العالمية ودفع بالاسعار الى السقوط وتهاوى معها مؤشر داوجونز لادنى مستوى منذ (12) عامآ. ونحن في هذه الزاوية لنا قراءة اخرى نوجزها بالاتي :
> الحرب المستعمرة على عدة جبهات في الشرق الاوسط ما بين روسيا وامريكا من جهة وايران والسعودية من جهة اخرى (الحرب سياسية واعلامية) تدفع هذه القوى الى التناطح بالادوات الاقتصادية كمقدمة للضغط على الاخر في ملفات اخرى امنية في اليمن وسورية والعراق و...الخ والنقطة الابرز ان احتياطيات السعودية تصل الى (643) مليار دولار حسب تقرير البنك الدولي وان مستوى الانفاق اذا تواصل بصورته الحالية فان هذه احتياطيات سوف تتبخر . فالسعودية وضعت ميزانيتها على اساس ان سعر برميل النفط (40) دولارآ وهو الان اقل من (27) دولارآ وهناك تقارير تفيد بانه سيهبط الى (1) دولارات. وهذا يعني ان احتياطيات السعودية سوف تتبخر بغضون عامين لا خمسة اعوام حسب التقارير الاعلامية .
> ايران حصلت على (36) مليار دولار من اموالها المجمدة والمقدرة في الولايات ب¯ (100) مليار منها نحو (55) مليار في الولايات المتحدة زمن الشاه . وخزينتها شبه خاوية بسبب الحروب المشتعلة في الشرق الاوسط وتغذيتها لها وخاصة سورية. فالارقام المتداولة تتمثل في انها تعتمد بنسبة 60-70% من اقتصادها على النفط بعكس السعودية 90% ولديها تجربة في الحصار وتجربة مماثلة في التكيف مع الاوضاع الاقليمية. فهبوط النفط سيؤثر عليها لان زيادة انتاجها لا تحقق لها مدخولاتها السابقة وبكل الاحوال فان الصراع بالاقليم يمنع اي تقارب سعودي -ايراني او هكذا نعتقد لسنوات لان الطرفين يريدان صد الهيمنة للاخر.
> الاحوال الخليجية باوروبا وامريكا تتبخر بسرعة. فهبوط الاسواق العالمية يوم الاربعاء الاسود كما اطلق عليه الاقتصاديون شكل صدمة لكل اصحاب الاموال والثروات بالاسواق المالية العالمية. فلدى دول الخليج وفق تقديرات منشورة اكثر من (6) تريلونات دولار في هذه الاسواق تهاوت الى اكثر من النصف, اي انها تبخرت في جيوب الصناديق والخزائن والبنوك الغربية, ومرشحة للهبوط. ففي داو جونز وحده خسرت دولة خليجية نحو (500) مليار دولار في ليلة واحدة.
> بنظرة سريعة الى اقتصاديات العالم نلمس حالة واحدة وتتمثل في ان اقتصاد الصين وروسيا ودول الخليج وايران يتهاوى بنسب متفاوته , فيما الولايات المتحدة تتعافى. فشركات صناعة الاسلحة تتباهى هذه الايام بالانتعاش ومعظم البنوك والشركات تعيش حالة نمو واضحة باموالها . مما يعني ان الحرب الاقتصادية الجارية اليوم مع روسيا هدفها تركيعها واخراجها من اللعبة الدولية بعد تدخلها في سورية. ولا نقول ان الدول الخليجية مجبرة على تنفيذ السياسات الامريكية , لكنها غير قادرة على السباحة بعكس التيار المخطط له بعناية في اروقة صناع القرار لدى واشنطن دون سواها.
اسعار النفط مرشحة لمزيد من الهبوط والدول الخليجية تخسر يوميا ما يقارب ملياري دولار , واستمرار الحروب المستعرة باليمن وسورية ودول اخرى سيدفع باتجاه اضعاف روسيا اقتصاديا وابقاء العزلة على ايران وعدم استفادتها من رفع العقوبات , ويبقى السؤال الى متى ستستمر هذه الحرب المفتوحة اقتصاديا ما بين الكبار والمتشابكة امنيا بين الصغار في الشرق الاوسط ?!
(المصدر: الديار الأردنية 2016-01-22)