إنهم يُعلّقون «خيباتهم» على.. روسيا !
![إنهم يُعلّقون «خيباتهم» على.. روسيا ! إنهم يُعلّقون «خيباتهم» على.. روسيا !](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/02db91b29fae8fe06d58e7812aa18fda.jpg)
تتواصل الحملة الاعلامية والدبلوماسية والسياسية، المُبرمَجة والمُنفلِتة والشرسة على روسيا, خصوصاً في تزامنها (غير البريء) مع انعقاد محادثات جنيف 3، على نحو يبدو ان التنسيق بين اطرافها السورية (المُعارضات) والاقليمية والدولية... وصل ذروته، ما يوحي بأن هذا الفريق غير المُتجانِس في اهدافه ومراميه ومصالحه، قد بات ظهره الى الحائط ولم يعد يجد فائدة في مواصلة الاعتماد على شراذم الارهابيين والتكفيريين والقتلة، الذي وُضعِوا تحت تصرفه وأوْكَلَ اليهم المهمة القذرة الرامية الى تدمير سوريا وتقسيمها وإطاحة دولتها ونشر الفوضى والارهاب فيها، وبما يسمح لهذه القوى كتابة جدول اعمال المنطقة وتحديد اولوياتها وإفشال كل محاولات الشعوب العربية في رفض الهيمنة والاستتباع والارتِهان لمصالح الثنائي الصهيواميركي الذي يجد (بين العرب) من يُدافِع عنه ويَخْطُب وده ويُطالبه التدخل «ايا كان شكله» لإتمام او انهاء المهمة الأسوأ التي اخذ هؤلاء على عاتقهم تنفيذها في بلاد الشام.
لم تكن روسيا بعيدة عن الاستهداف منذ اندلاع الأزمة السورية وبخاصة عندما اعلنت بوضوح دعمها للحكومة الشرعية في دمشق رافضة تكرار سيناريو غزو ليبيا الذي تخفّى حلف شمال الاطلسي خلف قراريه 1970 و1973 في محاولة امبريالية مفضوحة، للادعاء انهم التزموا الشرعية الدولية، ما دفعها (موسكو) الى استخدام الفيتو اربع مرات بالمشاركة مع بيجين، الأمر الذي اثار حفيظة العواصم الاستعمارية المعروفة واغضب رهط المُنخرِطين في نشر الفوضى وسفك الدماء في اكثر من بلد عربي وبخاصة سوريا.
لكن الحملة الضارية التي لم تتوقف للحظة واحدة على روسيا, وفي تحالف مشبوه ضم عواصم اقليمية واخرى عبر المحيطات لمحاصرة الدبلوماسية الروسية النشطة التي يرسم خطوطها التفصيلية فلاديمير بوتين بمعاونة «ثعلب» الدبلوماسية الدولية سيرغي لافروف، لم تتوقف بل أخذت بُعداً هستيرياً, بعد ان انخرط سلاح الجو الروسي بكامل قوته وتشكيلاته في الازمة السورية، يوم الثلاثين من ايلول الماضي، على نحو قلب الأوضاع الميدانية رأساً على عقب, واعاد إرساء «الهرم» على قاعدته وأرسل رسائل نارية بـِ»الصوت والصورة «لكل من تعنيهم الأزمة، بأن «الأمر» لم يعد لكم, وان مسألة إخضاع سوريا وإعادة رسم خرائط المنطقة وتحديد موازين القوى فيها, ليس شأناً غربياً، وخصوصاً لن يكون من صلاحية الداعمين للارهابيين والمرتزقة واصحاب المشاريع المشبوهة وعلى رأسها المشروع العثماني الجديد, وذلك الذي يتستر خلف ادعاءات وخطاب اسلاموي تكفيري، يطرح الارهاب اسلوباً لتحقيق اهدافه السياسية ويأخذ بيده وعبر «سيوفه» ومسدساته واساليبه الهمجية, شعوب المنطقة الى دائرة العنف والتخويف والتكفير والافكار الظلامية.
ظن هؤلاء ان الأزمة الاوكرانية، ستمنع موسكو من الالتفات الى ما يجري في «خاصرتها» الجنوبية الرخوة, التي لا تفصلها عن ساحات الارهابيين ودولة الخلافة المزعومة التي اعلنوها لاحقاً، سوى تركيا اردوغان «الغاطِسة» حتى أذنيها, في دعم الارهاب وتوفير كل اسباب الاستمرار والتسليح والاحتضان له، كي يُسهِّل عليها مُهمة استعادة أمجاد الاجداد من السلاجقة والعثمانيين ويعود العرب الى مربع التتريك والتهميش والانتقام مما ظنوا انها مساهمة عربية في انهيار الامبراطورية العثمانية.. لكن ما يحدث في «الدونباس» الاوكراني، لم يَرْقَ الى أهمية ومخاطر الأكلاف الباهظة التي كانت ستترتب على سقوط سوريا وتقسيمها وخضوعها للمشروع الارهابي المدعوم اقليمياً، وكان افتعال انهيار اسعار النفط جزءاً آخر من سيناريو إخضاع روسيا وردعها عن الاستمرار في دعمها لسوريا، ليترافق ذلك الانهيار في اسعار النفط مع العقوبات القاسية التي فرضتها الدول الغربية وعلى رأسها اميركا، ما يُنهك الاقتصاد الروسي ويطيح «الروبل» ويدفع الجمهور الروسي للتمرد على القيصر بوتين، لكن شيئاً كهذا لم يحدث... ابداً.
لم يتبق إذاً غير تشويه سمعة بوتين شخصياً وفبركة الاخبار والاكاذيب عن ثروته ونزواته الى حد اكثر ابتذالاً عبر اتهامه بالشذوذ وغيرها مما لا يليق بأي خصومة او عداء، لكن روسيا مضت قُدماً في رفض المشروع الدولي الاقليمي لتدمير سوريا، على النحو الذي اوصل اصحابه الى المأزق الراهن الذي يعيشونه, وُيشاهده العالم بالصوت والصورة , في أروقة قصر الأمم المتحدة في جنيف السويسرية، حيث لا تملك «الدُمى» المسماة مُعارضة مؤتمر الرياض, سوى التلويح بالانسحاب، وكأنها تتوفر على اوراق أوحثيثية تمنحها القدرة على تغيير موازين القوى او حتى تنفيذ ما قد تتعهد به او توافق عليه في اتفاقات او توافقات يتم التوصل اليها, أقله وقف اطلاق النار.
تعليق خيبات مُعارضات الفنادق وثوار المنابر في العواصم الاوروبية والعربية, على «روسيا», لن يُسهم إلاّ في تسريع افلاسهم وخروجهم من المشهد، كذلك ستكون حال بعض العواصم العربية وخصوصاً تركيا التي تُلقي باللوم, هي وابواقها, على روسيا. حان الوقت الان ليُدركوا ان لا حل عسكرياً للأزمة السورية, وان التفاوض السوري ــ السوري وحده, هو الكفيل باخراج سوريا وشعبها من مأساته الراهنة، ما يعني اقلاع هذه العواصم عن مواصلة المُتاجرة بدماء السوريين ومعاناتهم.
(الرأي 2016-02-02)