الإنترنت وزيادة الفرص والإنتاجية
![الإنترنت وزيادة الفرص والإنتاجية الإنترنت وزيادة الفرص والإنتاجية](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/50a68243b10ae2f2869932dbd1f0a600.jpg)
مؤكد أن الإنتاج وزيادة الفرص لا يحدثان تلقائيا، بمجرد الاتصال بالإنترنت أو اقتناء هاتف محمول (موبايل). ويمكن الردّ -كما يحدث دائما- على هذا المقال بأن الإنترنت و"الموبايل" يستخدمان للرفاه الشخصي والتواصل، أكثر من العمل والإنتاج. لكن لا شك أن أعمالا ومصالح كثيرة يمكن تطويرها اليوم من خلال الشبكة، كما تؤكد دراسات كثيرة، إحداها تقرير البنك الدولي للعام 2016. إضافة إلى أنه يجب ألا نقلل من الرفاه الشخصي كمكسب يمكن تحقيقه للأفراد.
التواصل يتيح، ابتداء، الوصول إلى المعلومات المتعلقة بالعمل والأسواق والفرص المتاحة. وهناك وظائف مباشرة تنشئها التقنيات الرقمة، وهي بسبب الطبيعة الآلية للأعمال تكون قليلة. وعلى سبيل المثال، فإن تطبيق "انستغرام" الذي اشتراه "فيسبوك" العام 2012 بمليار دولار، لم يكن يشغل أكثر من 13 شخصا، وكان "فيسبوك" يشغل في ذلك الوقت 5000 موظف. وللمقارنة، فإن شركة "كوداك" كانت في ذروة نشاطها في أفلام التصوير في التسعينيات تشغل 145 ألف شخص، برغم أن "فيسبوك" تزيد قيمته السوقية على "كوداك" بعدة أضعاف.
لكن الأكثر أهمية هو ما تقدمه الشبكة لبيئة الأعمال. فالتجارة الإلكترونية ولدت 10 ملايين فرصة عمل في الصين، أي ما يعادل 1.3 % من قوة العمل في البلاد. وبتقليل التكاليف للأفراد، تزيد الدخول والفوائد المتأتية من العمل. وقد أنشأت حكومة ولاية كيرالا الهندية أنظمة عمل لتشغيل النساء من المنازل من خلال الشبكة، كما طورت أنظمة عمل مرنة في فتراتها، تسمح للعاملين بالمشاركة في أوقات مناسبة. واستفاد من ذلك الأشخاص غير القادرين على مغادرة منازلهم، مثل ربات البيوت والمرضى وكبار السن، والمقيمين بعيدا عن مراكز العمل.
وبزيادة الإنتاج، فإن الإنترنت تتيح للعاملين التركيز على الأنشطة ذات القيمة الأعلى، وإسناد كثير من الأعمال الروتينية والأقل أهمية للحاسوب. ويمكن تطوير المناقشات العلمية في المواد الدراسية أو العملية والبحثية لأجل تحسين الأداء والتعليم والتدريب، ويمكن العمل مع فرق ممتدة حول العالم من دون حاجة للانتقال من مكان إلى آخر، وترتيب اجتماعات ومقابلات وندوات ومؤتمرات من غير سفر وإقامة وتكاليف كبيرة.
وانخفضت كلفة البحث عن المعلومات والمصادر وتوفيرها بنسبة كبيرة؛ إذ يمكن اليوم الحصول على المعلومات والبيانات المتعلقة بالعمل والدراسة والبحث، وكذلك الكتب والدراسات والمحاضرات المسموعة والمرئية، بتكاليف وجهود قليلة. لقد أصبح بإمكان الفقراء اليوم الاستفادة من مكتبات وقواعد بيانات هائلة وعظيمة القيمة. وقد تبدو بعض التأثيرات سلبية في جانب، مثل فقدان أعمال ووظائف. لكنها في جانب آخر، مفيدة للمستهلكين في حصولهم على السلع والخدمات بسرعة وسهولة وبتكلفة قليلة.
ما تحتاج إليه الدول والمجتمعات والأسواق، هو بناء بيئة عمل تهيئ الأفراد والمجتمعات والمؤسسات للاستفادة من الإنترنت. لكن الأكثر أهمية هو الدخول في عمليات التحول نحو البيئة الرقمية على مستوى الأفراد والمؤسسات. ومن اقتراحات البنك الدولي لأجل التحول، هو أن تشمل شبكات الإنترنت جميع الناس وجميع المناطق؛ وتطوير التعليم الرقمي والتدريب على المهارات في هذا المجال؛ وتكريس وتشجيع أنظمة التعليم المستمر والتعلم الذاتي؛ وتقديم خدمات الحكومة الإلكترونية؛ وتشجيع المواطنين على المشاركة الرقمية.
(الغد 2016-02-04)