الحرية لعبد الستار قاسم
![الحرية لعبد الستار قاسم الحرية لعبد الستار قاسم](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/e19d7afa17af3a1cff0686c095b9c788.jpg)
رغم أن اعتقالات الشرفاء في الضفة الغربية لا تكاد تتوقف، إذ نسمع أخبارها يوميا، وبالطبع في سياق من مطاردة فكر الانتفاضة، فضلا عن برنامجها وأي نشاط يمكن أن يصب في خانتها، لكننا لم نتوقع أن يصل الحال حد اعتقال واحد من المثقفين المرموقين في الساحة الفلسطينية، مثل أستاذ العلوم السياسية الأكاديمي المناضل الدكتور عبد الستار قاسم. لا ينتمي الدكتور قاسم لأي فصيل، لكنه ينتمي إلى شعبه وقضيته، ولا يزايد عليه أحد على هذا الصعيد، وإذا كانت التهمة هي المساس بهيبة الرئيس كما قيل، وربما التحريض على اغتياله كما قيل أيضا، فإن التهمة الحقيقية هي الرؤية السياسية التي لا يتردد في كشفها والدفاع عنها عبر الفضائيات بشكل يومي؛ هو الذي يعتبر واحدا من أصوات المقاومة في الساحة الفلسطينية. مؤكد أنه لم يحرّض على اغتيال أحد، أما حكاية المساس بهيبة الرئيس، فهي جديدة في الساحة الفلسطينية. صحيح أنه يُسمى مجازا بالرئيس، لكن الأصل أنه قائد حركة تحرر لم تحرر شيئا بعد، وزعيم منظمة لا تزال تسمى منظمة التحرير، وهي أيضا لم تحرر شيئا، اللهم إلا إذا اعتبرنا أوسلو والسلطة البائسة التي انبثقت عنه تحريرا، فيما هي لا تعدو أن تكون حارسة للأمن الصهيوني، ومعيقة لمسار التحرير. من الصعب التحدث بمنطق مع هؤلاء الذين تراهم تارة يهددون بحل تلك السلطة؛ مؤكدين بذلك أنها تصب في خدمة الاحتلال، فيما تراهم في تارة أخرى يدافعون عنها ويعتبرونها إنجازا عظيما للشعب، مع أحد لا يأخذها على محمل الجد، إذ يدرك الجميع، بما فيهم جماعة الرئيس أن البلاد بطولها وعرضها مستباحة، بما في ذلك بيت الرئيس نفسه لولا الحاجة لمنحه بعض الامتيازات، من أجل أن يواصل النهج الذي يخدم الاحتلال (وصول جنود الاحتلال قبل أسابيع لحديقة بيته قصة معروفة). لم يقل عبد الستار قاسم سوى ما يردده أبناء الشعب الفلسطيني يوميا في مواقع التواصل وسائر المنتديات، والهيبة التي يتحدثون عنها تغدو سرابا؛ بمجرد أن يتصل أمن الرئاسة بضابط صهيوني في بيت إيل من أجل الحصول على إذن بتحرك الرئيس دخول أو خروجا؛ بحسب تسريب صائب عريقات الشهير. في عرف الثورات، لا شيء اسمه هيبة الرئيس، والوضع الطبيعي أن يكون من حق مثقفي الشعب ومناضليه أن ينتقدوا، بل يهاجموا مساره السياسي في أي وقت، والدكتور عبد الستار قاسم لم يتجاوز هذا الدور الذي يُعد واجبا عليه، وعلى كل الشرفاء من أبناء شعبنا في الداخل والخارج. لذلك، يغدو من واجبنا أن ندين اعتقال الرجل، ونطالب تبعا لذلك بالإفراج الفوي عنه، ومعه عن العشرات من المناضلين الذين تعتقلهم السلطة، بل وقف سياسة الاعتقال برمتها، وعموم الاستهداف لبرنامج المقاومة، لكن الأهم من ذلك كله هو مطالبتها بالانسجام مع شعبها في انتفاضته، وقبل ذلك وبعده مطالبة الشرفاء في فتح بأن يرفعوا صوتهم ضد نهج قيادتهم العبثي، لأنهم هم من يمنحونها الشرعية.
(الدستور 2016-02-04)