"الموبايل" يغير كل شيء
!["الموبايل" يغير كل شيء "الموبايل" يغير كل شيء](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/ff96fe44800c6425f7ac92d5ea356e1a.jpg)
"تعظيم الاستفادة من الموبايل" هو عنوان تقرير البنك الدولي عن الاتصالات والمعلومات، ويقع في 217 صفحة من القطع الكبير. ويزيد عدد "الموبايلات" في العالم اليوم على عدد السكان، وتقترب تغطية خطوط "الموبايل" من جميع سكان العالم.
وقد غيرت "الموبايلات" في أنظمة العمل والعلاقات وأسلوب الحياة، وصار دورها في العمل والتنمية يشغل المنظمات الدولية ومؤسسات التنمية والاستثمار. وقد بدأ البنك الدولي منذ العام 2006 يصدر سلسلة تقارير حول توظيف التكنولوجيا الجديدة في التنمية. ويركز هذا التقرير على تطبيقات الهاتف المحمول واستخداماتها في التنمية، وخاصة في المجالات الزراعية والرعاية الصحية والخدمات المالية وخدمات الحكومة، وكيفية تأثيرها على فرص العمل وتنظيم مشاريع العمل الحر، وتعزيز المشاركة العامة والديمقراطية والتعليم.
وقد بدأت صناعة أجهزة "الموبايل" بذاكرة أكبر وقدرة معالجة أسرع وواجهات أسهل استخداما. ويلاحظ تقرير البنك أن استخدام "الموبايل" في الدول النامية أكثر من الدول المتقدمة. والمدهش في موضوع "الموبايل" أنه انتشر بسرعة هائلة؛ فقد أصبح بيد حوالي ثلاثة أرباع سكان العالم في عشرين سنة، في حين احتاج الهاتف الثابت إلى 128 سنة حتى يصل عدد مستخدميه إلى مليار شخص. ويفوق عدد مستخدمي "الموبايل" عدد من يملكون حسابات مصرفية أو مياها نظيفة أو كهرباء.
كان الاختراق الكبير في مجال "الموبايل" هو في التطبيقات التي تتيح آفاقا هائلة غير محدودة في التواصل، متجاوزة شركات الاتصالات. وبذلك، فقد كسرت احتكار هذه الشركات لتزويد الخدمات، بل إن مستقبل شركات الاتصالات أصبح معرضا لتحول استراتيجي كبير وتاريخي يجعلها مختلفة عما كانت عليه طوال العقود الماضية. فهذه التطبيقات تجعل خدمة التواصل مفتوحة، تشبه البث التلفزيوني والإذاعي. وتتطور اتجاهات سياسية واجتماعية لتحويل فضاء الاتصالات إلى مرفق عام، يتيح لكل من يملك جهاز هاتف أو كمبيوتر أن يحصل على خدمة الوصول، ومن ثم إتاحة التواصل الكامل لمستخدمه مع الشبكة والأفراد والمؤسسات حول العالم. وتحاول شركات الاتصالات استخدام نفوذها لمنع هذه التطبيقات أو بعضها، ولكنها عملية يائسة ليست أكثر من اللعب في الوقت الضائع. والبنوك ووسائل الإعلام الكبرى أيضا، تواجه تحديات جديدة، إذ بدأت "الموبايلات" تقوم بجزء من أعمالها.
يقترب اقتصاد تشغيل شبكات الاتصالات المحمولة من تريليون دولار. وما تزال تطبيقات "الموبايل" في بدايتها؛ فالأجهزة تزداد قوة وتتدنى أسعارها، والتطبيقات والبرمجيات تواصل تطورها ومزاياها المدهشة. فالموبايلات أصبحت مكتبا يقدم احتياجات واسعة؛ من المعاملات المالية والكاميرا والتلفزيون والآلة الحاسبة وسجل العناوين والتقويم والصحافة والبوصلة والملاحة والطقس والخرائط الدقيقة للمدن والعالم... وفي ذلك بدأت "الموبايلات" تنشئ تحولات اقتصادية واجتماعية وسياسية كبرى. إذ يمكن للمزارعين والتجار الحصول على المعلومات المتعلقة بالأسعار والطقس، ويمكن الحصول على المعلومات المتعلقة بالصحة، ومراقبة البيوت والمكاتب على مدار الساعة، والاستعلام عن الخدمات والاحتياجات اليومية والعملية في الحياة والعمل والسفر والحجز، والمشاركة في البرامج والأنشطة والبيع والشراء والتسوق، والإرشاد المهني والحياتي. وصار التراسل عبر "فيسبوك" و"تويتر" و"واتس آب" شبكة إعلامية واجتماعية واسعة، تجاوزت الصحافة ووسائل الإعلام.
"الموبايل" في نسخته الذكية يغير كل شيء، بكل ما تعنيه هذه الكلمة.
(الغد 2016-02-11)