اللاجئون والمقيمون مورد عظيم

تم نشره السبت 20 شباط / فبراير 2016 01:11 صباحاً
اللاجئون والمقيمون مورد عظيم
إبراهيم غرايبة

يمكن أن نحول اللجوء العربي للأردن إلى متوالية من الاقتصاد والموارد الجديدة والإضافية. ومقولة التهديد الاقتصادي أو الاجتماعي، أو تهديد الموارد الأساسية، لا أساس لها؛ فالاقتصاد اليوم يعتمد أساسا على موارد بشرية، أكثر مما يعتمد على موارد طبيعية. وهذه الحملة الواسعة في التذمر من اللاجئين والشعور بالخوف، تعكس مشاعر غير حقيقية حول الموارد، لعلها تعود إلى ذاكرة الماء والكلأ، فالاقتصاد اليوم يقوم على الخدمات والمهارات والمعرفة.
لا بأس طبعا في طلب المساعدات والمنح لاستيعاب اللاجئين، لكن ذلك لن يفيد الاقتصاد الوطني ولن يفيد اللاجئين إلا بنسبة ضئيلة غير ذات جدوى أو أهمية. ما يمكن أن يفيد الأردن واللاجئين معا هو تحويل الطاقات البشرية المتوافرة إلى مصدر للموارد والأعمال، واستيعابها على النحو الذي يرتقي بالاقتصاد وبحياتهم، ويجعلهم منتجين ومفيدين لأنفسهم وللبلد، وهذا ليس صعبا.
سوق العمل الأردنية تعاني من اختلالات ليس سببها اللاجئون؛ على العكس فإن اللاجئين يمكن أن يساهموا في إصلاح سوق العمل وسد الفجوات التي يعاني منها. وما يهدد العامل الأردني بالفعل هو مجموعة من السياسات والاتجاهات: عمالة الأطفال، والاتجار بالبشر، وعدم وجود حماية كافية على صعيد الأجور والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي والسلامة وتطبيق القانون، والعزوف عن العمل في الحرف والزراعة والبناء، وغياب المبادرات والمجازفة، وضعف التأهيل والمهارات التقنية، وغياب المنافسة والحوافز والثقة وقيم العمل... في المقابل، فإن دخول المصريين والسوريين وغيرهم إلى سوق العمل والحرف والأعمال، سيرتقي بالخدمات والسلع ويطور المنافسة ويحمي المستهلك.
وعندما يتحول اللاجئون والمقيمون إلى قوة عمل وإنتاج، فإنهم ينشئون متوالية من الموارد التي تعظم الناتج المحلي والاقتصاد وتحسن الحياة. فهم مستهلكون يدفعون الضرائب ويشترون ويستأجرون ويستهلكون خدمات وسلعا، وبذلك فإنهم يعظّمون موارد الدولة والأسواق والمصالح القائمة، ويضيفون موارد جديدة.
وفي التطور التقني في مجالات المياه والطاقة، أصبح ممكنا توفيرهما بتكاليف معقولة بالنسبة للمستهلك، من دون دعم أو عبء على الخزينة، بل على العكس، يمكن اليوم تحويل الماء والطاقة إلى سلع تجارية وبأسعار معقولة. ففي إسرائيل، تجري تحلية مياه البحر بكلفة قليلة نسبيا، تمكن شركات التحلية من بيع متر الماء بحوالي أربعين قرشا وعلى أساس ربحي. وقد أنشئت محطة لتحلية مياه البحر بطاقة مليون متر مكعب يوميا، ولم تزد كلفة تأسيسها عن خمسمائة مليون دولار. وتبيع شركة التحلية الماء إلى مصلحة المياه بـ58 سنتا، وإذا كان معدل استهلاك الماء مترا مكعبا أسبوعيا للفرد كما في الدول المتقدمة، فإنه يمكن توفير الاحتياجات المائية لجميع المواطنين والمقيمين في الأردن بمحطة تحلية لن تزيد كلفتها عن مليار دولار، وتوفير الماء لجميع المواطنين على أساس 50 مترا مكعبا للفرد، بكلفة 50 دولارا سنويا للفرد، إذا بيع الماء بضعف ما يباع في إسرائيل.
وبالطبع، فإن تكرير المياه سيمكن من إعادة استخدامها، وسوف يكون ممكنا توفير وحماية المصادر الطبيعية من الماء وعدم استنزافها، ويكون لدينا وفر معقول وكاف للزراعة. وبتطور استخدام الطاقة الشمسية، ستكون الطاقة متوافرة بسعر معقول ومن غير نزف في الواردات. وبتوفير الماء والطاقة لجميع المواطنين والمقيمين من دون عبء على الخزينة، فلن يكون وجود اللاجئين والمقيمين عبئا، على العكس؛ فهم سينشئون أسواقا ومصالح جديدة. ومن المعلوم بالطبع أن زيادة عدد السكان سوف تزيد فرص بناء المؤسسات وعدد المبدعين والمبادرين والمتفوقين، وتوسع الأسواق لتجعل المشاريع الصناعية والتجارية مجدية.
لا نحتاج لتحويل اللاجئين إلى مصدر للتطور الاقتصادي والازدهار سوى إلى حسن النية.. وشيء من الإدارة الكفؤة والنزيهة!

(المصدر: الغد 2016-02-20)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات