الفرصة الأخيرة

تم نشره الخميس 25 شباط / فبراير 2016 01:22 صباحاً
الفرصة الأخيرة
د. موسى شتيوي

من المفترض أن يُشكل الاتفاق الأميركي-الروسي في حال نجاحه، خطوة مهمة في تهيئة الظروف المناسبة لاستئناف مفاوضات السلام بين الحكومة والمعارضة السورية، والتي تم تأجيلها حتى إتمام هذا الاتفاق.

الاتفاق الذي من المفترض أن يدخل حيز التنفيذ في 27 الشهر الحالي، ينص على وقف الأعمال العدائية بين الحكومة والمعارضة السورية المسلحة، باستثناء التنظيمات المصنفة كتنظيمات إرهابية، مثل "داعش" و"النصرة". كذلك، نص الاتفاق على ألاّ ينطبق أيضاً على أي طرف لا يقبل الاتفاق. والحديث هنا عن التنظيمات أو المعارضة المسلحة وليس المعارضة السياسية. وبالطبع، هذا البند يُساعد في تجاوز قضية تصنيف التنظيمات الإرهابية وغير الإرهابية.

الاتفاق يؤشر أيضاً إلى أن الملف السوري أصبح حصرياً بيد الدول العظمى، وبخاصة الولايات المتحدة وروسيا، والأمم المتحدة كمرجعية، ولم يعد هناك دور حاسم للقوى الإقليمية التي أثبتت التجربة أنها لم تكن قادرة على أن تخرج من دائرة الصراع الوجودي مع بعضها بعضا. وهذا لا يعني إلغاء دور هذه القوى كلياً، وإنما يعني أن ملف مستقبل سورية خرج عن سيطرة الدول الإقليمية أو حتى القوى السورية نفسها.

لكن الذي يعرف خريطة التنظيمات المسلحة ووجودها الجغرافي، وتداخلها مع بعضها بعضا وتداخلها مع قوات النظام، يُدرك أن إنجاح الاتفاق على أرض الواقع لن يكون عملية سهلة. وبالتالي، ستكون احتمالية نجاح وقف إطلاق النار في سورية ضعيفة جداً.

من الواضح أيضاً، أن أميركا وروسيا لن تسمحا بالعودة إلى الحالة السابقة من استمرار العنف والقتل والتشريد، لاسيما أن هناك قناعة راسخة لديهما بأن مسألة الحسم العسكري لأي طرف من الأطراف غير واردة، ولا بد من إنهاء الأزمة السورية بأقصر وقت ممكن. وجاء على لسان وزير الخارجية الأميركي أنه في حال فشل وقف إطلاق النار، فإن هناك خططا بديلة في جعبة الولايات المتحدة (لم تنضج بعد)، وأنه سيكون من الصعب الإبقاء على سورية موحدة؛ أي أن تقسيم سورية سيكون الحل البديل في حال الفشل في إيجاد حلّ سياسي للأزمة.

لقد كان سيناريو تقسيم سورية موجوداً على الطاولة دائماً، لكن قد لا تكون تمت مناقشته. إلا أنه يبدو الآن كمن سيخرج لدائرة النقاش بين القوى الفاعلة. وروسيا، على لسان وزير خارجيتها، أبدت استغرابها من تصريح الوزير الأميركي، ونفت علمها بهذه الخطة البديلة.

من جانب آخر، وبالعودة لمدة أشهر سابقة، فقد صرح بشار الأسد أنه لن يكون قادراً على استعادة السيطرة على كل سورية، وهذا أيضاً قد يفسر الاستراتيجية الروسية بالتركيز على مساعدة النظام في إحكام سيطرته على المناطق الحيوية، وبخاصة المدن الكبرى، أو ما اصطلح على تسميته "سورية المفيدة".

بعد خمس سنوات من الصراع في سورية وعليها، بات من الواضح أن المجتمع الدولي عازم وحازم على إنهاء الأزمة هناك. والاتفاق على وقف إطلاق النار الذي سيدخل حيز التنفيذ يوم السبت المقبل، يمثل خطوة جادة في هذا الاتجاه. لكنه قد يكون الفرصة الأخيرة لإيجاد حل سلمي يحافظ على سورية دولة موحدة، ومن الواضح أن سورية الموحدة ليست الخيار الوحيد، إذ يُطل خيار التقسيم بوصفه بديلاً بدأ الحديث عنه الآن. الأيام والأشهر المقبلة ستكون حاسمة في تحديد مستقبل سورية، فلننتظر.

(الغد 2016-02-25)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات