كي لا يكون القادم أعظم !!
![كي لا يكون القادم أعظم !! كي لا يكون القادم أعظم !!](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/ab72af0a43dbf42c191cf243a56e1c9a.jpg)
هناك أزمات تعصف بعالمنا العربي لا تليق بها نظرية النأي بالنفس، لأننا اولا واخيرا سياق قومي والأواصر فيه عضوية حتى لو كان المشهد غير ذلك اذا قُرىء من سطحه فقط . ما قاله وزير الداخلية اللبناني بالأمس عن الأزمة التي يعيشها لبنان قدر تعلقها بالعلاقات مع المملكة العربية السعودية وهو القادم أعظم اصاب العديد من اللبنانيين بالهلع وفي حال تفاقم الأزمة وتعاظمها فإن هناك اضرارا بالغة ستصيب معظم اللبنانيين ، ومنهم من ليس له ناقة او بعير في هذا الدراما . ولو كان للمثقف العربي دور يعتد به لسمعنا صوته في مثل هذه الازمات لكنه رهينة الاستقطاب والاصطفاف واحيانا الاستئجار بحيث يجد نفسه اما هنا او هناك واما مع الله او القيصر . ولكي لا يكون القادم في لبنان اعظم كما قال وزير الداخلية بنبرة مشحونة بالنذير يجب ان يسارع مثقفون من غير الرهائن الى ممارسة دور وقائي، ليس بمعنى الوساطة التقليدية، بل لكشف المسكوت عنه في العلاقات العربية البَيْنِيّة والذي غالبا ما يتوارى خلف كواليس الميديا . لقد عانى لبنان الكثير لأسباب منها ما يخصه واسباب اخرى لا شأن له بها، وهاجر وشرّد وفقد ارواحا في حروب غالبا ما كانت حروب الاخرين على ارضه، وليس لديه من فائض الرفاهية ما يعينه على احتمال القادم الأعظم، والتدارك في مثل هذه الازمات قبل انفجارها ممكن، شرط ان يكون هناك اناس لا يضعون حساباتهم الشخصية والخاصة فوق حسابات بلادهم وعروبتهم . لكن المؤسف ان المثقف العربي عند اندلاع الأزمات وتعميق الفجوة بين بلد عربي وآخر يجد في هذه الضارة الوطنية والقومية نافعة له، لقد حدث هذا مرارا وتكرارا وتغذى مثقفون ومحترفون في فن الاستقطاب الأزمات وصبوا الزيت على النار . أليس غريبا ان لا نسمع في مثل هذه الازمات صوتا لمثقف مستقل وحرّ يقرع الجرس او يضطر الى تعليقه ؟ ما نرجوه هو ان لا يكون القادم أعظم رغم معرفتنا بأن المخفي هو الأعظم!!
(الدستور 2016-02-29)