مفاجأة بوتين في سورية

تم نشره الخميس 17 آذار / مارس 2016 01:20 صباحاً
مفاجأة بوتين في سورية
د. موسى شتيوي

جاء سحب القوات الروسية من سورية مفاجأة للمتابعين للمشهد السوري. لكن وفقاً للمعلومات الصادرة عن مراكز مختلفة، فإن القرار تم اتخاذه فعلياً قبل شهرين من الآن، ولا بد أن الأطراف المحلية السورية والإقليمية والدولية كان لديها علم بهذه الخطوة. وقبل الدخول في الحديث عن الآثار الناجمة عن هذه الخطوة المهمة، لا بد من الإشارة إلى الأسباب التي حدت بموسكو لاتخاذها.

عزّزت روسيا وجودها العسكري في سورية في ظرف كانت كل المؤشرات تفيد بأن النظام على وشك الانهيار، وأنه لا يوجد قرار دولي بإسقاطه، لاسيما أن التنظيمات الأقوى في المعادلة مصنفة باعتبارها تنظيمات إرهابية. وعليه، لا توجد رغبة دولية/ أميركية في إسقاط النظام وتسلم السلطة من قبل هذه التنظيمات. لذا، كان دخول روسيا على خط الأزمة من الناحية الزمنية شبه إجباري من منظور المصلحة الروسية، والموقف الدولي أيضاً.

جاء التدخل الروسي في وضع اقتصادي صعب جداً لروسيا، بسبب الانخفاض الكبير في أسعار النفط. ومن ثم، لم يكن توقيت التدخل الروسي مناسباً من الناحية الاقتصادية. وعليه، فإن الدوافع الحقيقية لسحب القوات الروسية هو أن هدف التدخل قد تم تحقيقه؛ فلم يعد وجود النظام في خطر، لا بل إن النظام حقق مكاسب كبيرة على الأرض، إذ سيطر على أكثر من 10 آلاف كيلومتر مربع. لذلك، فإن الخطوة التي اتخذها بوتين، تخفف العبء والكلفة المالية على روسيا، في الوقت الذي حققت فيه الهدف الرئيس للتدخل الروسي.

السبب الثاني هو الهاجس من التورط بالوحل السوري. إذ ما تزال التجربة الأفغانية ماثلة في ذهن الروس، ولا يريدون تكرارها. وكذلك التجربة الأميركية في العراق، التي ترتبت عليها خسائر مالية وبشرية كبيرة جداً من دون أن تحقق أهدافها، علاوة على انهيار الدولة العراقية وبروز الحركات الإرهابية والطائفية.

يمكن وصف الانسحاب الروسي من سورية بأنه انسحاب رمزي من الناحيه العسكرية؛ إذ ستبقي روسيا على قاعدتين عسكريتين، إضافة الى المنظومة الدفاعية الجوية. وبذلك، فهو لا يشكل انسحاباً عسكرياً بالمعنى الحقيقي للكلمة.

لكنّ هناك معاني كثيرة سياسياً لهذا الانسحاب الرمزي الذي يمكن أن يكون له دور بنّاء في العملية السلمية والمرحلة الانتقالية الجاري التفاوض عليها في جنيف بين النظام والمعارضة، برعاية أممية.

الرسالة للنظام هي أن دعم روسيا ليس بلا حدود، ولكنه مشروط بالتوصل لحل سلمي. أما بالنسبة للمعارضة، فهي رسالة تطمين بأن الوجود الروسي ليس دائماً في سورية، وأن هدفه الدفع بالمسار السياسي أكثر من دعم النظام للسيطرة على كل سورية.

كذلك، يتضمن هذا الانسحاب رسائل عدّة للدول الإقليمية، بأن روسيا ليس لديها النية للدخول في مواجهة عسكرية معها. وهي رسالة تطمين أيضاً للقوى الدولية بالتزامها بالحرب على الإرهاب، وأن روسيا دولة يمكن العمل معها سياسياً على حلّ المشاكل في مناطق أخرى من العالم، وبخاصة في أوكرانيا.

(الغد 2016-03-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات