ساعة ابي «الجوفيال » ..الوقت خارج الزمن !
![ساعة ابي «الجوفيال » ..الوقت خارج الزمن ! ساعة ابي «الجوفيال » ..الوقت خارج الزمن !](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/21fc811242947ea991962b0204f75078.jpg)
تكبرني بسنة لكنها بقيت اصغر مني .فتحت عيوني على الدنيا فوجدتها على يد ابي . ساعة الجوفيال الدائرية .الوقت من ذهب . وكانت تحسبه كلما جاء وكلما ذهب . لا تؤخر ولا تقدم لكنها كانت ..الزمن .السيف الذي ان لم تقطعه قطعك .وان لم تطعه تركك ومشى . تبقى مكانك وهو يتقدم عنك وعليك .الساعة قد تتوقف لكن الزمن لا . تذكرت ساعة ابي وانا استمع الى احدهم وهو يفاخر انه لا يؤمن بـ «الصندوق الذي تسمونه كمبيوتر» حسب تعبيره ،ولا بالايميل والشات والفيسبوك وتويتر وانستغرام .ولا بأي ابن من ابناء الثورة التكنولوجية، اولئك الذين قادوا العالم منذ ميلاد النت «الشبكة العنكبوتية « على يد وفكر المبرمج البريطاني تيم بير نيرز لي والتي تعادل في اهميتها اول حدث في تاريخ الكرة الاضية، اعني نظرية الانفجار العظيم الذي تشكلت نتيجة له البحار والانهار وتقسمت الارض الى قارات ودول وحدود .وهي ليست أول محاولة لفهم الإنسان للكون. فأقدم النظريات المعروفة لتفسير نشأة الكون تعود للفيلسوف اليوناني أرسطو الذي عاش في القرن الرابع قبل الميلاد، وكانت تقوم على فكرة أن الأرض ثابتة في مركز الكون. وقد أدخلت نظرية النسبية العامة لعالم الفيزياء ألبرت آينشتاين سنة 1915 حركة هامة في الوسط العلمي، فظهرت عدة نظريات لنشأة الكون وتطوره. أشهرها نظرية آينشتاين التي يرى فيها أن الكون متجانس ومتوحد الخواص، وهو في حالة سكون وغير قابل للتغيير. وهي فكرة تم التخلي عنها بعد ثبوت تمدد الكون. أما بالنسبة للانفجار العظيم فتعود نظريته للعالمين الروسي ألكسندر فريدمان والبلجيكي جورج لوماتر. فقد نجح فريدمان في حل معادلات نظرية النسبية واستنتج منها فكرة تمدد الكون سنة 1922، واستنادا إليها وضع لوماتر سنة 1927 نظريته حول تمدد الكون. وعلى الرغم من ان نظريات جديدة لا تلبث ان تطرد نظريات قديمة الا انه ثمة اتفاق عام بين العلماء على ان « الانفجار» العظيم» قد حدث .أما مبرمج تقنية الويب (WWW) التي ساعدت في انتشار الإنترنت، فقد تخرّج في جامعة أكسفورد وعمل في شركات مختلفة للاتصالات، ثم توصّل في النهاية إلى تصميم برنامج على الإنترنت لربط جميع المستخدمين معاً وفي وقت واحد، فعمل الشبكة العنكبوتيّة ثم عمل على تصميم برنامج الويب الذي جعل من العالم قرية صغيرة بالفعل . لكن ثمة من لا يزال مصراً على انه مركز الكون والارض تدور حوله وعلى ان ماركة القلم ولون الحبر الذي يكتب به وان الخط الجميل مقياس للكلام الجميل رغم ان القلم اصبح اصبعك على الكيبورد والورقة شاشة مضيئة وان عباس العقاد والمنفلوطي وطه حسين والكواكبي كانوا حداثيين في زمنهم ولذلك برزوا وتبوأوا مكاناً مرموقاً في الثقافة والادب والسياسة كما غيرهم في العلم والطب والفلك . لكن مكانهم المحترم بقي مكانه والزمن تخطاه . ثمة حاجة ملحة للعقل العربي ان لا يظل رهينة العقال والسيف والقرطاس والقلم . ولا بالتغني بالثوابت في عالم يؤكد يوميا ان لا ثابت سوى المتحرك . فمنذ خمس سنوات والمنطقة العربية تعيش ارتدادات الزلزال الخطير الذي سمي «الربيع العربي» ولا تزال تهتز فتسقط انظمة وتسقط اقنعة وتحتل ارض، ولغز الزلزال لم يزل مجهولا . ظل ابي معنزاً بساعته الجوفيال حتى توفى، رحمه الله، وظلت وفية تحسب الزمن بدقة لكنها كانت...خارج الزمن !.
(الدستور 2016-03-23)