الإرهاب.. موسم الهجرة إلى الغرب !

تم نشره الخميس 24 آذار / مارس 2016 12:50 صباحاً
الإرهاب.. موسم الهجرة إلى الغرب !
محمد كعوش

عملية ارهابية جبانة مدانة، عاشت بلجيكا خلالها، وبعدها، حالة من الهلع والذعر، بل أدخلت دول الاتحاد الاوروبي كافة في حالة صدمة، القت بظلالها وتداعياتها على الوضع السياسي والاقتصادي والامني في كافة الدول الاوروبية ، لأنها ليست حالة طارئة، بل جاءت بعد سلسلة من العمليات الارهابية التي سبقت وضربت اهدافا في فرنسا وبريطانيا وتركيا. هذه العملية الارهابية، او «غزوة بروكسل»، حسب داعش، اثبتت أن الارهاب اصبح حالة كونية عابرة للقارات ، رغم حالات التاهب القصوى والجهوزية الامنية في معظم الدول المستهدفة.

هذه العملية الارهابية الدموية، تقودنا الى التساؤل: كيف امتلك الارهابيون القدرة على الحركة باسلحتهم واحزمتهم الناسفة داخل المطار وفي الانفاق ؟ وماذا بعد بيانات الادانة والشجب ، ورسائل المواساة والتعاطف ، وكيف سيتم الرد على الارهاب ؟

لا ارغب في تناول التفاصيل التي اصبحت معروفة لدى الجميع، وانا غير متفائل لأنني اشك في النوايا وجديتها ، كما اعرف ابعاد الموقف الحقيقي لمعظم الدول الاوروبية التي تتجاهل حركة التاريخ، وربما اعتنقت النظرية القائلة بنهاية التاريخ. هي الدول التي تركت الابواب مشرعة أمام تطورات ومستجدات حملت اليها الريح الربيعية المسمومة، او اعادتها لها، أن لم نقل انها ساعدت في هبوب العاصفة التخريبية على بلادنا العربية بقدر ما او بشكل ما ، بفعلها أودعمها او صمتها على الاقل.

وعندما نتحدث عن الواقع لا نحتاج العودة الى الوراء كثيرا واستحضار التاريخ البعيد، لأن دخان المعارك ما زال يملأ سماء الشرق الاوسط العربي، وقد تكون الفوضى في ليبيا مناسبة للتذكير بأن الدول الأوروبية شاركت في الحرب الليبية الداخلية، وساعدت في تقويض وتفكيك الدولة وهزيمة الجيش الليبي، وترك البلاد والعباد في حالة عنف وفوضى، وبالتالي خلق ازمة صعبة معقدة لا حل لها في الافق المنظور.

الحقيقة أن الدول الاوروبية، حتى التي كانت ضحية لعمليات ارهابية دموية ، لم تقم بدور فعاّل في الحرب على الارهاب، بل غضت الطرف عن تحركات «الجهاديين» في اوروبا، وربما سهلت لهم المغادرة الى سوريا والعراق عبر تركيا للمشاركة في القتال «من اجل الديمقراطية»، وربما قدمت لهم الدعم اللوجستي والسياسي والاعلامي. ولا شك انكم تذكرون مواقف وتصريحات بعض قادة الدول الاوروبية، الذين وعدوا شعوبهم بالمشاركة في الحرب على الارهاب بلا رحمة، وفي كل موقع، ولكنهم رفضوا التعاون، أو حتى التنسيق مع روسيا في حربها الجوية ضد مسلحي التنظيمات المتطرفة في سوريا، بحجة أن هذه المشاركة تصب في مصلحة النظام والجيش السوري.

أكثر من ذلك، كانت الدول الاوروبية تعلم وتعرف وترى تدفق المسلحين عبر الحدود التركية الى سوريا والعراق، ولكنها لم تمارس ضغطا حقيقيا على الحكومة التركية لاغلاق حدودها ومنع تسلل المسلحين، لأن الهدف هو اسقاط النظام، وتفكيك الدولة، وترك بلاد الشام نهبا للفوضى والعنف والارهاب، كما حدث في ليبيا. هذه الدول واجهت المشكلة بتصريحات العتب الاعلامي، وليس الغضب الجاد، بل عقدت المؤتمرات من اجل الصفقات مع حكومة انقرة لمواجهة طوفان اللاجئين، الى ان اصبحت هدفا للعمليات الارهابية وغزوات داعش..

دول الاتحاد الاوروبي تحصد اليوم نتائج صمتها، ان لم نقل التواطؤ الغربي، تجاه ما حدث ويحدث في ليبيا واليمن وسوريا والعراق، وهو المشهد الذي خلق حالة من جذب الارهابيين الى المنطقة، من كل الجهات، ومنها دول الاتحاد الاوروبي، وشجعهم على التناسل والتناسخ في ظروف دموية غير مسبوقة في تاريخ المنطقة.

ما حدث في بعض العواصم الاوروبية، في الماضي القريب، وفي بروكسل اليوم، يشير الى أن حركة التاريخ بدات دورتها العكسية، أي انها دخلت في مرحلة الاياب الارهابي المتجه الى الغرب. لذلك يجب على دول الاتحاد الاوروبي، وفي مقدمتها فرنسا، صاحبة الموقف المتردد، أن تعيد حساباتها، لأن الارهاب لا هوية له ولا جنسية ولا دين.

(الرأي 2016-03-24)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات