لماذا فشل كيري؟
وزير خارجية أميركا جون كيري يستحق الشفقة. هذا ما كتبه محرر إحدى المجلات الاميركية. يشير المحرر المذكور إلى تفرغ كيري ستة أشهر لحل القضية الفلسطينية على طريقة الدولتين حيث ذهبت جهوده عبثاً فترك الأمر أسوأ مما كان.
ويشير المحرر أيضاً إلى شهور عديدة من محاولة وزير الخارجية الأميركي حلحلة الأزمة السورية ، ولكنه لم يحقق شيئاً إلا بالقدر الذي تطوعت روسيا لمساعدته.
كيري ليس جديداً على الفشل والخسارة ، فقد خسر انتخابات الرئاسة الأميركية أمام مرشح ضعيف هو جورج بوش الابن ، ويبدو أنه خسر في كل مسعى بما في ذلك إدارة وزارة الخارجية الاميركية التي لم تعد تقرر الاتجاهات السياسية والاقتصادية في عالم اليوم.
بإشراف كيري خسرت أميركا موقعها باعتبارها القطب الأوحد والدولة الأعظم في عالم اليوم منذ سقوط الاتحاد السوفييتي ، فقد عاد العالم الآن إلى نظام تعدد الأقطاب ببروز روسيا والصين ، وإلى حد ما الاتحاد الأوروبي ، كقوى عظمى يحسب لها حساب في النظام العالمي الراهن.
مع ذلك فإن الفشل المتكرر لوزير خارجية أميركا جون كيري لا يخلو من إيجابيات ، فلم تعد أميركا في عهده متهمة بأنها وراء كل شيء ، وأن كل ما يحصل في العالم وخاصة في منطقة الشـرق الأوسط موحى به من أميركا ، بما في ذلك الربيع العربي وبروز المنظمات الإرهابية وتحركات القوى الإقليمية كالسعودية ومصر وإيران وتركيا.
وحتى إسرائيل تمردت على أميركا ، ولم يتردد نتنياهو في السخرية من كيري (الذي يريد تنازلات إسرائيلية ليربح جائزة نوبل للسلام) ، بل وصل الامر إلى حد سلوك نتنياهو العدائي تجاه الرئيس الأميركي نفسه ، والتعامل معه بندية مع أن إسرائيل تعيش عالة سياسية ومالية على أميركا.
سواء فاز الديمقراطيون أو الجمهوريون في انتخابات الرئاسة الأميركية التي ستجري في آواخر هذه السنة ، فإن أميركا سوف تعود دولة عظمى ديناميكية تحت قيادة هيلاري كلينتون أو دونالد ترامب.
كل رئيس أميركي قبل أوباما أطلق شرارة حرب تصنع تراثه وموقعه في التاريخ ، أما أوباما فقد اختار أن ينهي حروباً وجدها مستعرة.
خلال السنوات الأربع القادمة سيشهد العالم حرباً أميركية ، سواء تحت قيادة كلينتون أو ترامب ، فكلاهما من طينة الرؤساء الحراكيين. وليس معروفاً ما إذا كان هذا من حشن أو سوء حظ العالم.
(الرأي 2016-03-25)