ما الذي يريده مقتدى الصدر؟

تم نشره السبت 02nd نيسان / أبريل 2016 01:35 صباحاً
ما الذي يريده مقتدى الصدر؟
ياسر الزعاترة

حين يكون نوري المالكي هو العدو الألد لمقتدى الصدر، فهذا يعني أن للأخير بعض الفضائل التي لا ينبغي إنكارها بدعوى أن “الخل أخو الخردل”، وأن الجبهة الشيعية على قلب رجل واحد. النظرية الأخيرة بالغة السطحية مع كل الاحترام لمن يرددونها، فليست هناك جبهة موحدة تماما في أي طائفة أو عرق، والسياسة هي أن ترى التباينات في كل جبهة، حتى تتمكن من بناء تقدير موقف صحيح. لا أحد ينسى أبدا ما قارفته الميليشيات المحسوبة على مقتدى الصدر من جرائم بحق العرب السنّة، لكن موجة القتل في العراق بدأت ولم تنته فصولها إلى الآن، ومن الصعب فرز الساحة السياسية بناء على هذا المعطى وحده. ينتمي مقتدى الصدر إلى الفعاليات السياسية الشيعية التي كانت موجودة داخل العراق قبل الاحتلال الأمريكي، وهي تختلف بعض الشيء عن تلك القادمة من الخارج، والتي تعاملت مع العراق بروحية الغنيمة، وعاثت في الأرض فسادا، ليس على صعيد القتل وحسب، بل على صعيد السرقة أيضا. لذلك لا تبدو جريمة المالكي منحصرة في طائفيته التي أفضت إلى هذه الموجة من العنف في العراق، وذلك بعدما شرع في الهدوء إثر مشاركة العرب السنّة في انتخابات 2010، بل تتجاوزها إلى رعاية أكبر عملية نهب في التاريخ البشري، تشير تقارير كثيرة إلى أنها تجاوزت الـ300 مليار دولار. في حراكه الأخير؛ يستجيب الصدر لهواجس غالبية الشعب العراقي، وفي المقدمة منه الجمهور الشيعي الذي حُسبت عليه الحكومات منذ الاحتلال، لكنه لم يلمس أي تغير في حياته، حتى بدأ بعضهم يترحم على أيام صدام حسين، رغم صعوبة ذلك في ظل الحشد المذهبي الرهيب. وكان ذلك الجمهور ساند حراكا مدنيا في ذات الاتجاه، لكنه لم يصمد لأن قوة الدولة العميقة التي لا زالت تدين بالولاء للمالكي قمعته، ومعها أدوات قاسم سليماني الفاعلة على الأرض (متحالفتان عمليا)، والتي لم تتردد في قتل خمسة من رموز الحراك من دون أن يتحدث عنهم أحد، أو يجرؤ على المطالبة بدمهم أحد، وجميعهم من الشبان الشيعة. هنا يبرز سؤال حول رأي العبادي في الحراك الذي يقوده الصدر. وما يبدو أقرب إلى الوضوح هو أنه (أي العبادي)مرتاح لوجوده، وهو يراه فرصة للضغط في اتجاه تغيير الإرث الرهيب الذي تركه المالكي، والذي لا يترك له فرصة للتغيير، ويضع العصي في عجلاته، لكن المصيبة أن مليشيات سليماني لا زالت هنا، وهي مليشيات من العبث القول إنها مخصصة لمواجهة تنظيم الدولة، إذ أن لها أدوارا سياسية في الداخل. وحين يرفض خامنئي شخصيا كما تسرَّب أي مساس بالمالكي، فتلك رسالة للجميع بكل تأكيد. العبادي يعرف حقائق القوة الإيرانية على الأرض، وإرث المالكي في الدولة، وهو يرى في ضغط الصدر الشعبي فرصة لتغيير ما، لا سيما أنه يدرك ما جرى للمالكي بسبب سياسته. والنتيجة أنها قضية شخصية بالنسبة إليه. خلاصة الأمر هي أنه من دون تقليم أظافر إيران داخل العراق، فإن البلد لن يستقر، وحتى لو خسر تنظيم الدولة الأراضي التي يسيطر عليها، فإن فعله لن يتوقف، لكن الأهم هو أن المواطن العراقي لن يعرف طعم الراحة في ظل شعارات مكافحة فساد ونبذ طائفية؛ يطلقها أسوأ الفاسدين وأبشع الطائفيين. أما مقتدى الصدر، فقد فرض نفسه بهذا الحراك رقما مهما لا يمكن تجاوزه في الساحة، بصرف النظر عن ضيق الإيرانيين به، أو تفاهمهم لاحقا معه. 

(المصدر: الدستور 2016-04-02)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات