ما وراء الاحتقان !!

تم نشره الإثنين 04 نيسان / أبريل 2016 01:33 صباحاً
ما وراء الاحتقان !!
خيري منصور

ما يقال احيانا عن الأفراد وأنماط سلوكهم ينطبق الى حدّ ما على المُجتمعات، فقد يسود فيها مناخ من التوتر والاحتقان ينعكس على مجمل العلاقات والمعاملات اليومية، لكنه يتضح اكثر في الحوارات المُتَلْفَزة بحيث سرعان ما تضيع الحدود بين المفاهيم والشخصنة، وتتسرب القضية محور النقاش لصالح ما يتخطاها، لأن الاهم في هذه الحالات هو تبرئة الذات والذّهاب بعيدا في إدّعاء المعصومية، وهذا يفترض على الفور تخطئة الاخر ان لم يكن تكفيره وتخوينه لمجرد كونه مُختلفا، ومن ترجم مقولة فولتير الشهيرة عن استعداد الانسان الحرّ للموت دفاعا عن حق خصمه في التعبير فاته ان هذه المقولة وما يُشبهها ليست نبتا شيطانيا او مجرد عبارة اطلقها فيلسوف في لحظة من التجلي . انها خلاصة قرون من الكدح والمثابرة والتنوير وهي مسبوقة بتراكم هائل من التجارب وتدجين الانانية والنرجسية تماما كما هي الديموقراطية ليست امرا إداريا او وصفة يتم استيرادها، فالتاريخ له بُعدُه الفيزيائي من حيث تحوّل التراكم الى قفزة نوعية وكذلك من حيث قوانينه كالقضاء تماما وبالتالي لا يحميهم ! ومن يرصد معظم الحوارات والسجالات التي تطفو هذه الايام على سطح المشهد السياسي العربي يجد ان التوتر والاحتقان اصبحا مُناخا مبثوثا في النسيج كله وحتى ادق التفاصيل ، ومن اسباب ذلك ازمة الثقة المتفاقمة سواء بين الافراد والجماعات او حتى بين الانسان وذاته، وفي غياب البوصلة لا تختلط الجهات فقط، بل المفاهيم ايضا، ويصبح بإمكان ايّ شخص ان يدّعي امتلاك الحقيقة وبالتالي احتكارها، مما يفضي بالضرورة الى الاقصاء والنبذ . وما كان لهذه الظواهر ان تستبد بواقعنا وتفرض منطقها الاستثنائي لولا ما شهده الواقع العربي من اضطراب ساهم فيه الخارج والداخل معا، واذا كانت الاشياء تُقاس بنتائجها فإن ما نراه بالعين المجردة يفتضح مقدمات او بمعنى ادق استراتيجيات تأسست على قاعدة ذهبية هي فرّق – تسُد ! لكن ما قيمة او جدوى هذا الوعي اذا كان ممنوعا من الصّرف الميداني ؟ فاعتراف المريض بأنه مريض فقط لا يُشفيه !

(الدستور 2016-04-04)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات