الرشوة السياسية
اخطر تحدي تواجهه الجهات المختصة، يتعلق بدفع الرشى النقدية خلال الانتخابات النيابية المقبلة، اذا تمت في موعدها، وهي رشى تدفع دائما، ويسمع الناس، عن مبالغ مالية لشراء الاصوات اضافة الى المساعدات العينية.
نزاهة الانتخابات مهددة، وهذه النزاهة مهمة جدا، ومنذ ديمقراطية عام تسعة وثمانين، تعرضت هذه النزاهة الى طعونات عديدة، سواء عبر شراء الأصوات، أو العبث الانتخابي فنيا، مثلما تردد سابقا حول تصويت متكرر لناخبين، او غير ذلك من وسائل، دون ان نتناسى هنا، كثرة الاعتراضات اساسا على رسم الدوائر الانتخابية ومدى عدالتها اساسا في كل المملكة.
توقيف المرشحين، سابقا، في السجن، بتهمة شراء الأصوات، تعرض ايضا الى نقد في مرات؛ لان هناك جهات قرأت التوقيف بأعتباره تعبيرا عن موقف ما ضد المرشح، شخصيا، قبل ان يكون بسبب دفعه لرشى مالية، واذا كان تجريم الراشي والمرتشي، هنا، ينطبق على المرشح والناخب معا، فإننا على الأرجح سوف نشهد تزايدا في ظاهرة شراء الذمم والأصوات الانتخابية.
عدد الأغنياء الذين سوف يترشحون سيكون كبيرا هذه المرة، وليس كل غني متهما، لكن كلما اشتد الفقر، باع الناس ذممهم، مباشرة او عبر وسطاء، والأرجح ان ظاهرة المال الأسود، او المال السياسي، سوف تكون معلما بارزا خلال الانتخابات المقبلة، برغم كل التحذيرات الرسمية، والفتاوى الدينية التي تحرم مثل هذا المال.
في انتخابات سابقة وصلت قيمة صوت الناخب، الى مئة وخمسين دينارا في بعض الحالات، وفي حالات اقل من ذلك، لكننا نسأل عن الماهية التي ستأتينا بمجلس نواب نظيف، ما دمنا نقر ونعترف أن المال الأسود يدخل طرفا في كل انتخابات، فوق اختيار أغلبنا لمرشحه على أساس العلاقة الشخصية أو القربى أو العائلة، وهذا يؤدي ايضا الى مس نزاهة الانتخابات برغم ان هذا يبقى خيارا شخصيا للناخب.
ماهو اسوأ حقا من المرشحين الذين يقدمون الرشى المالية وينفقون مبالغ مالية كبيرة من اجل شراء مقعد نيابي، هم اولئك الناخبون الذين يقبلون بيع اصواتهم، واذا كان لدينا مرشحون مصابون بالتوحش المالي والسياسي، فإن لدينا ايضا ناخبين اكثر سوءأ، ويبحثون عن مشتر لأصواتهم، بذريعة الفقر، وان هذا مجرد موسم لابد من الاستفادة منه مالية، وهكذا يتساوى الجميع، الراشي والمرتشي، المرشح والناخب، الغني والفقير، عبر هذه الزاوية.
منذ اليوم، يقال: ان الانتخابات المقبلة معرضة لانتهاكات كثيرة، اقلها تفشي ظاهرة المال الأسود، وانخفاض نسبة الإقبال على المشاركة، وغير ذلك من قضايا، وهي كلها قضايا بحت أصوات المراقبين من التنبيه لمخاطرها، لكن على ما يبدو ان هناك من يريد نائبا متورطا بشكل سري في دفع المال، والتعامي عنه، لغايات مقايضته على الأداء لاحقا.
ولا يخسر وسط هذا المشهد إلا المرشحون الفقراء والأغنياء، ممن حسنت نواياهم، وليس لديهم اي استعداد للتعامل مع الناخب بصفته مجرد شخص بلا قيمة وقابلٍ للبيع أو الشراء، وهؤلاء أحق بالتصويت والدعم، لو حسنت ايضا القاعدة الانتخابية!!.
(الدستور 2016-04-04)