انتخابات 2016 والجماعات والنقابات المستقلة
الدعوة إلى عدم المشاركة المباشرة للحركات الاجتماعية والنقابية ومنظمات المجتمع المدني في الانتخابات النيابية لا تعني ألا يكون لها دور فاعل في الانتخابات، إذ يجب عليها جميعا أن تتحرك في التأثير والتجمع باتجاه أهدافها ومصالحها التي تشكلت حولها، وهذا هو ما يحرك العمل والتنافس الانتخابي ويمنحه الزخم والمعنى، ففي قدرة جماعات التأثير والنقابات على تشكيل تأثير انتخابي حول ما تنشغل به تتحول الانتخابات إلى تنافس برامجي ووعود عملية ووطنية يمكن ملاحظتها ومتابعتها.
وعلى سبيل المثال فإن النقابات العمالية يمكن أن تحشد باتجاه مرشحين يحملون وعودا وبرامج بتطوير سياسات وقوانين العمل والأجور والضمان الاجتماعي والسلامة والتدريب والتعليم المستمر والمسؤولية الاجتماعية للشركات، ويمكن للنقابات المهنية أن تعمل وتؤثر باتجاه الرعاية الصحية والاجتماعية والتعليمية، وشركات المقاولات يمكن أن تعمل باتجاه التوسع في المشروعات الرأسمالية؛ ففي هذا التحالف بين المقاولين والمجتمعات باتجاه تطوير وبناء مشروعات للخدمات الأساسية تزدهر المقاولات وتستفيد المجتمعات والبلدات ويمكن ترشيد وتطوير الانفاق العام، .. وهكذا بالنسبة للمزارعين وسائقي النقل العام وقضايا الضريبة والبيئة حقوق الانسان والمعاقين وكبار السن والتأمين الصحي، يمكن لكل جماعة رأي أو مصالح أن تعمل لحشد قواعد انتخابية باتجاه أهدافها ومصالحها، سواء لأجل التغيير أو منع تغيير تراه مضرا، .. ويمكن أيضا تطوير سلسلة من الأعمال والأهداف التطوعية باتجاه نقل الأصوات أو شرائها، وربط الانتخابات بمكان الإقامة وليس البلد الأصلي.
ولا بأس بتكرار القول إن المناضلين والدعاة المنشغلين بهموم وقضايا يحسبونها بطولات وهي ليست أكثر من هوايات ميتافيزيقية بأنهم يجرون النقابات والجماعات والمجتمعات وعلى نحو مريب باتجاه الهروب من المواجهة الحقيقية والغياب عن الواجبات والقضايا الأساسية المتعلقة بالمشاركة والمواطنة.
ثمة تحديات لا تحتاج سوى بداهة أساسية لربطها بالانتخابات وما يجب أن تفعله النقابات والجماعات إزاءها، .. التعليم الذي يتراجع ويقترب من الانهيار، والمدارس الحكومية العاجزة عن استيعاب الطلبة وتعليمهم، والمدارس الخاصة التي تتكاثر مثل الفطر حتى في القرى والأرياف، والمراكز الصحية والمستشفيات الحكومية العاجزة عن تغطية المواطنين والتي تعمل بكفاءة منخفضة المستوى، لا تتفق أبداً مع حجم الإنفاق والتوظيف المبذول فيها. والرعاية الاجتماعية التي لا تغطي المحتاجين إليها من كبار السن والمعوقين، والسياسات والتشريعات الضريبية المنحازة لصالح الشركات والبنوك ضد الفقراء، واتجاهات الإنفاق العام.
هذا العجز الاجتماعي والنقابي عن الربط بين الانتخابات وأهداف ومصالح المجتمعات يفقد الانتخابات معناها وجدواها ويضعف دور المجتمعات والأفراد في التأثير والمشاركة، ويغيّب الروابط القانونية والوطنية، ويحول الانتخابات إلى حراك عشائري وديني وفردي لا علاقة له بهدف الانتخابات، .. وإنه من المحير كيف تدار عملية سياسية كبرى مثل الانتخابات التي يفترض ان تحدد مسار السلطة والتشريعات والسياسات من خلال الدواوين العشائرية واحتفالات وقيم خرافية منسوبة الى الدين.
(المصدر: الغد 2016-04-07)